للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَاطِمَةَ وَقَتَلَتْ بُرَيْرًا سَيِّدَ الْقُرَّاءِ، [وَاللَّهِ] لَا أُكَلِّمُكَ أَبَدًا!

وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ قَرَظَةَ الْأَنْصَارِيُّ وَقَاتَلَ دُونَ الْحُسَيْنِ فَقُتِلَ، وَكَانَ أَخُوهُ مَعَ عَمْرِوِ بْنِ سَعْدٍ، فَنَادَى: يَا حُسَيْنُ يَا كَذَّابُ ابْنَ الْكَذَّابِ! أَضْلَلْتَ أَخِي وَغَرَرْتَهُ حَتَّى قَتَلْتَهُ! فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُضِلَّ أَخَاكَ بَلْ هَدَّاهُ وَأَضَلَّكَ.

قَالَ: قَتَلَنِي اللَّهُ إِنْ لَمْ أَقْتُلْكَ أَوْ أَمُوتَ دُونَكَ.

فَحَمَلَ وَاعْتَرَضَهُ نَافِعُ بْنُ هِلَالٍ الْمُرَادِيُّ فَطَعَنَهُ فَصَرَعَهُ، فَحَمَلَ أَصْحَابُهُ فَاسْتَنْقَذُوهُ فَدُووِيَ بَعْدُ فَبَرَأَ.

وَقَاتَلَ الْحُرُّ بْنُ يَزِيدَ مَعَ الْحُسَيْنِ قِتَالًا شَدِيدًا، وَبَرَزَ إِلَيْهِ يَزِيدُ بْنُ سُفْيَانَ فَقَتْلَهُ الْحُرُّ، وَقَاتَلَ نَافِعُ بْنُ هِلَالٍ مَعَ الْحُسَيْنِ أَيْضًا فَبَرَزَ إِلَيْهِ مُزَاحِمُ بْنُ حُرَيْثٍ فَقَتَلَهُ نَافِعٌ.

فَصَاحَ عَمْرُو بْنُ الْحَجَّاجِ بِالنَّاسِ: أَتَدْرُونَ مَنْ تُقَاتِلُونَ؟ فُرْسَانُ الْمِصْرِ، قَوْمًا مُسْتَمِيتِينَ، لَا يَبْرُزُ إِلَيْهِمْ مِنْكُمْ أَحَدٌ فَإِنَّهُمْ قَلِيلٌ وَقَلَّ مَا يَبْقَوْنَ، وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَرْمُوهُمْ إِلَّا بِالْحِجَارَةِ لَقَتَلْتُمُوهُمْ.

يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ الْزَمُوا طَاعَتَكُمْ وَجَمَاعَتَكُمْ، لَا تَرْتَابُوا فِي قَتْلِ مَنْ مَرَقَ مِنَ الدِّينِ وَخَالَفَ الْإِمَامَ.

فَقَالَ عُمَرُ: الرَّأْيُ مَا رَأَيْتَ، وَمَنَعَ النَّاسَ مِنَ الْمُبَارَزَةِ. قَالَ: وَسَمِعَهُ الْحُسَيْنُ فَقَالَ: يَا عَمْرُو بْنَ الْحَجَّاجِ أَعَلَيَّ تُحَرِّضُ النَّاسَ؟ أَنْحَنُ مَرَقْنَا مِنَ الدِّينِ أَمْ أَنْتُمْ؟ وَاللَّهِ لَتَعْلَمُنَّ لَوْ قُبِضَتْ أَرْوَاحُكُمْ وَمُتُّمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ أَيُّنَا الْمَارِقُ.

ثُمَّ حَمَلَ عَمْرُو بْنُ الْحَجَّاجِ عَلَى الْحُسَيْنِ مِنْ نَحْوِ الْفُرَاتِ فَاضْطَرَبُوا سَاعَةً، فَصُرِعَ مُسْلِمُ بْنُ عَوْسَجَةَ الْأَسَدِيُّ، وَانْصَرَفَ عَمْرٌو وَمُسْلِمٌ صَرِيعٌ، فَمَشَى إِلَيْهِ وَبِهِ رَمَقٌ فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ يَا مُسْلِمُ بْنَ عَوْسَجَةَ، {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ} [الأحزاب: ٢٣] . وَدَنَا مِنْهُ حَبِيبُ بْنُ مُطَهِّرٍ وَقَالَ: عَزَّ عَلَيَّ مَصْرَعُكَ، أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ، وَلَوْلَا أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي فِي أَثَرِكَ لَاحِقٌ بِكَ لَأَحْبَبْتُ أَنْ تُوصِيَنِي حَتَّى أَحْفَظَكَ بِمَا أَنْتَ لَهُ أَهْلٌ.

فَقَالَ: أُوصِيكَ بِهَذَا، رَحِمَكَ اللَّهُ، وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْحُسَيْنِ، أَنْ تَمُوتَ دُونَهُ.

فَقَالَ: أَفْعَلُ.

ثُمَّ مَاتَ مُسْلِمٌ وَصَاحَتْ جَارِيَةٌ لَهُ فَقَالَتْ: يَا ابْنَ عَوْسَجَةَ! فَيُنَادِي أَصْحَابُ عَمْرٍو: قَتَلْنَا مُسْلِمًا.

فَقَالَ شَبَثٌ لِبَعْضِ مَنْ حَوْلَهُ: ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ إِنَّمَا تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ بَأَيْدِيكُمْ وَتُذِلُّونَ أَنْفُسَكُمْ لِغَيْرِكُمْ، أَتَفْرَحُونَ بِقَتْلِ مِثْلِ مُسْلِمٍ؟ أَمَا وَالَّذِي أَسْلَمْتُ لَهُ لَرُبَّ مَوْقِفٍ لَهُ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمُسْلِمِينَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَوْمَ سَلَقَ أَذْرَبِيجَانَ قَتَلَ سِتَّةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَبْلَ أَنْ تَنَامَ خُيُولُ الْمُسْلِمِينَ، أَفَيُقْتَلُ مِثْلُهُ وَتَفْرَحُونَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>