للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ: احْمِلُوا أَخَاكُمْ، فَحَمَلُوهُ حَتَّى وَضَعُوهُ بَيْنَ يَدَيِ الْفُسْطَاطِ الَّذِي كَانُوا يُقَاتِلُونَ أَمَامَهُ.

ثُمَّ إِنَّ عَمْرَو بْنَ صُبَيْحٍ الصُّدَائِيَّ رَمَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ بِسَهْمٍ فَوَضَعَ كَفَّهُ عَلَى جَبْهَتِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُحَرِّكَهَا ثُمَّ رَمَاهُ بِسَهْمٍ آخَرَ فَقَتَلَهُ.

وَحَمَلَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَحَمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُطْبَةَ الطَّائِيُّ عَلَى عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ فَقَتَلَهُ، وَحَمَلَ عُثْمَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ أُسَيْرٍ الْجُهَنِيُّ وَبِشْرُ بْنُ سَوْطٍ الْهَمْدَانِيُّ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَقَتَلَاهُ، وَرَمَى عَبْدُ (اللَّهِ بْنُ عُرْوَةَ) الْخَثْعَمِيُّ جَعْفَرَ بْنَ عَقِيلٍ فَقَتَلَهُ.

ثُمَّ حَمَلَ الْقَاسِمُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ وَبِيَدِهِ السَّيْفُ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ عَمْرُو بْنُ سَعْدِ بْنِ نُفَيْلٍ الْأَزْدِيُّ فَضَرَبَ رَأْسَهُ بِالسَّيْفِ فَسَقَطَ الْقَاسِمُ إِلَى الْأَرْضِ لِوَجْهِهِ وَقَالَ: يَا عَمَّاهُ! فَانْقَضَّ الْحُسَيْنُ إِلَيْهِ كَالصَّقْرِ ثُمَّ شَدَّ شِدَّةَ لَيْثٍ أُغْضِبَ فَضَرَبَ عَمْرًا بِالسَّيْفِ فَاتَّقَاهُ بِيَدِهِ فَقَطَعَ يَدَهُ مِنَ الْمِرْفَقِ فَصَاحَ، وَحَمَلَتْ خَيْلُ الْكُوفَةِ لِيَسْتَنْقِذُوا عَمْرًا فَاسْتَقْبَلَتْهُ بِصُدُورِهَا وَجَالَتْ عَلَيْهِ فَوَطِئَتْهُ حَتَّى مَاتَ، وَانْجَلَتِ الْغَبَرَةُ وَالْحُسَيْنُ وَاقِفٌ عَلَى رَأْسِ الْقَاسِمِ وَهُوَ يَفْحَصُ بِرِجْلَيْهِ وَالْحُسَيْنُ يَقُولُ: بُعْدًا لِقَوْمٍ قَتَلُوكَ، وَمَنْ خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيكَ جَدُّكَ! ثُمَّ قَالَ: عَزَّ وَاللَّهِ عَلَى عَمِّكَ أَنْ تَدْعُوَهُ فَلَا يُجِيبُكَ أَوْ يُجِيبُكَ ثُمَّ لَا يَنْفَعُكَ صَوْتُهُ، وَاللَّهِ هَذَا الْيَوْمَ كَثُرَ وَاتِرُهُ وَقَلَّ نَاصِرُهُ! ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى صَدْرِهِ حَتَّى أَلْقَاهُ مَعَ ابْنِهِ عَلِيٍّ وَمَنْ قُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.

وَمَكَثَ الْحُسَيْنُ طَوِيلًا مِنَ النَّهَارِ كُلَّمَا انْتَهَى إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ رَجَعَ عَنْهُ وَكَرِهَ أَنْ يَتَوَلَّى قَتْلَهُ وَعَظُمَ إِثْمُهُ [عَلَيْهِ] ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا مِنْ كِنْدَةَ يُقَالُ لَهُ مَالِكُ بْنُ النُّسَيْرِ أَتَاهُ فَضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَ الْبُرْنُسَ، وَأَدْمَى رَأْسَهُ وَامْتَلَأَ الْبُرْنُسُ دَمًا، فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: لَا أَكَلْتَ بِهَا وَلَا شَرِبْتَ وَحَشَرَكَ اللَّهُ مَعَ الظَّالِمِينَ! وَأَلْقَى الْبُرْنُسَ وَلَبِسَ الْقَلَنْسُوَةَ، وَأَخَذَ الْكِنْدِيُّ الْبُرْنُسَ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ أَخَذَ الْبُرْنُسَ يَغْسِلُ الدَّمَ عَنْهُ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: أَسَلَبَ ابْنِ [بِنْتِ] رَسُولِ اللَّهِ تُدْخِلُ بَيْتِي؟ أَخْرِجْهُ عَنِّي! قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>