للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِذَا اخْتَرْتَنَا، وَمَا أَدْرِي كَيْفَ أَمَانِي لَكَ، إِنْ أَخْرَجْتُكَ نَهَارًا أَخَافُ أَنْ تُقْتَلَ وَأُقْتَلَ، وَلَكِنِّي أُقِيمُ مَعَكَ إِلَى اللَّيْلِ ثُمَّ أُرْدِفُكَ خَلْفِي لِئَلَّا تُعْرَفَ.

فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: نِعْمَ مَا رَأَيْتَ.

فَأَقَامَ عِنْدَهُ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ حَمَلَهُ خَلْفَهُ.

وَكَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفَ أَلْفٍ، فَفَرَّقَ ابْنُ زِيَادٍ بَعْضَهَا فِي مَوَالِيهِ وَادَّخَرَ الْبَاقِي فَبَقِيَ لِآلِ زِيَادٍ.

وَسَارَ الْحَارِثُ بِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَكَانَ يَمُرُّ بِهِ عَلَى النَّاسِ وَهُمْ يَتَحَارَسُونَ مَخَافَةَ الْحَرُورِيَّةِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ يَسْأَلُهُ: أَيْنَ نَحْنُ؟ وَالْحَارِثُ يُخْبِرُهُ، فَلَمَّا كَانُوا فِي بَنِي سُلَيْمٍ قَالَ: أَيْنَ نَحْنُ؟ قَالَ: فِي بَنِي سُلَيْمٍ.

قَالَ: سَلِمْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَلَمَّا أَتَى بَنِي نَاجِيَةَ قَالَ: أَيْنَ نَحْنُ؟ قَالَ: فِي بَنِي نَاجِيَةَ. قَالَ: نَجَوْنَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَقَالَ بَنُو نَاجِيَةَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: الْحَارِثُ بْنُ قَيْسٍ، وَكَانَ يَعْرِفُ رَجُلٌ مِنْهُمْ عُبَيْدَ اللَّهِ، فَقَالَ ابْنُ مَرْجَانَةَ! وَأَرْسَلَ سَهْمًا فَوَقَعَ فِي عِمَامَتِهِ.

وَمَضَى بِهِ الْحَارِثُ فَأَنْزَلَهُ فِي دَارِ نَفْسِهِ فِي الْجَهَاضِمِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ: يَا حَارِثُ إِنَّكَ أَحْسَنْتَ فَاصْنَعْ مَا أُشِيرُ بِهِ عَلَيْكَ، قَدْ عَلِمْتَ مَنْزِلَةَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو فِي قَوْمِهِ وَشَرَفِهِ وَسِنَّهُ وَطَاعَةَ قَوْمِهِ لَهُ، فَهَلْ لَكَ أَنْ تَذْهَبَ بِي إِلَيْهِ فَأَكُونَ فِي دَارِهِ فَهِيَ فِي وَسَطِ الْأَزْدِ، فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فُرِّقَ عَلَيْكَ أَمْرُ قَوْمِكَ.

فَأَخَذَهُ الْحَارِثُ فَدَخَلَا عَلَى مَسْعُودٍ، وَلَمْ يَشْعُرْ وَهُوَ جَالِسٌ يُصْلِحُ خُفًّا لَهُ، فَلَمَّا رَآهُمَا عَرَفَهُمَا فَقَالَ الْحَارِثُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرٍّ طَرَقْتَنِي بِهِ! قَالَ: مَا طَرَقْتُكَ إِلَّا بِخَيْرٍ، (قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ قَوْمَكَ أَنْجَوْا زِيَادًا وَوَفَوْا لَهُ فَصَارَتْ مَكْرَمَةً يَفْتَخِرُونَ بِهَا عَلَى الْعَرَبِ) ، وَقَدْ بَايَعْتُمْ عُبَيْدَ اللَّهِ بَيْعَةَ الرِّضَى عَنْ مَشُورَةٍ وَبَيْعَةٍ أُخْرَى قَبْلَ هَذِهِ، يَعْنِي بَيْعَةَ الْجَمَاعَةِ.

قَالَ مَسْعُودٌ: أَتُرَى لَنَا أَنْ نُعَادِيَ أَهْلَ مِصْرِنَا فِي عُبَيْدِ اللَّهِ وَلَمْ نَجِدْ مِنْ أَبِيهِ مُكَافَأَةً وَلَا شُكْرًا فِيمَا صَنَعْنَا مَعَهُ؟ قَالَ الْحَارِثُ: إِنَّهُ لَا يُعَادِيكَ أَحَدٌ عَلَى الْوَفَاءِ عَلَى بَيْعَتِكَ حَتَّى تُبْلِغَهُ مَأْمَنَهُ، أَفَتُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِكَ بَعْدَمَا دَخَلَهُ عَلَيْكَ؟

وَأَمَرَهُ مَسْعُودٌ فَدَخَلَ بَيْتَ أَخِيهِ عَبْدِ الْغَافِرِ بْنِ عَمْرٍو، ثُمَّ رَكِبَ مَسْعُودٌ مِنْ لَيْلَتِهِ وَمَعَهُ الْحَارِثُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ قَوْمِهِ فَطَافُوا فِي الْأَزْدِ فَقَالُوا: إِنَّ ابْنَ زِيَادٍ فُقِدَ وَإِنَّا لَا نَأْمَنُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>