للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آلَةِ الْحَرْبِ وَدُعَاءِ النَّاسِ فِي السِّرِّ إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ، فَكَانَ يُجِيبُهُمُ النَّفَرُ، وَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ إِلَى أَنْ هَلَكَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ جَاءَ إِلَى سُلَيْمَانَ أَصْحَابُهُ فَقَالُوا: قَدْ هَلَكَ هَذَا الطَّاغِيَةُ وَالْأَمْرُ ضَعِيفٌ، فَإِنْ شِئْتَ وَثَبْنَا عَلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، وَكَانَ خَلِيفَةَ ابْنِ زِيَادٍ عَلَى الْكُوفَةِ، ثُمَّ أَظْهَرْنَا الطَّلَبَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ وَتَتَبَّعْنَا قَتَلَتَهُ وَدَعَوْنَا النَّاسَ إِلَى أَهْلِ هَذَا الْبَيْتِ الْمُسْتَأْثِرِ عَلَيْهِمُ الْمَدْفُوعِينَ عَنْ حَقِّهِمْ.

فَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدٍ: لَا تُعَجِّلُوا، إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِيمَا ذَكَرْتُمْ فَرَأَيْتُ أَنَّ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ هُمْ أَشْرَافُ الْكُوفَةِ وَفُرْسَانُ الْعَرَبِ وَهُمُ الْمُطَالَبُونَ بِدَمِهِ، وَمَتَى عَلِمُوا مَا تُرِيدُونَ كَانُوا أَشَدَّ النَّاسِ عَلَيْكُمْ، وَنَظَرْتُ فِيمَنْ تَبِعَنِي مِنْكُمْ فَعَلِمْتُ أَنَّهُمْ لَوْ خَرَجُوا لَمْ يُدْرِكُوا ثَأْرَهُمْ وَلَمْ يَشْفُوا نُفُوسَهُمْ وَكَانُوا جُزُرًا لِعَدُوِّهِمْ، وَلَكِنْ بُثُّوا دُعَاتَكُمْ وَادْعُوا إِلَى أَمْرِكُمْ.

فَفَعَلُوا وَاسْتَجَابَ لَهُمْ نَاسٌ كَثِيرٌ بَعْدَ هَلَاكِ يَزِيدَ.

ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ أَخْرَجُوا عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ وَبَايَعُوا لِابْنِ الزُّبَيْرِ، وَسُلَيْمَانُ وَأَصْحَابُهُ يَدْعُونَ النَّاسَ.

فَلَمَّا مَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ هَلَاكِ يَزِيدَ قَدِمَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ الْكُوفَةَ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ وَقَدِمَ (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيُّ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ) ، وَقَدِمَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ مَعَهُ عَلَى خَرَاجِ الْكُوفَةِ.

فَأَخَذَ الْمُخْتَارُ يَدْعُو النَّاسَ إِلَى قِتَالِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ وَيَقُولُ: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَزِيرًا أَمِينًا.

فَرَجَعَ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الشِّيعَةِ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا يُرِيدُ سُلَيْمَانُ أَنْ يَخْرُجَ فَيَقْتُلَ نَفْسَهُ وَمَنْ مَعَهُ وَلَيْسَ لَهُ بَصَرٌ بِالْحَرْبِ.

وَبَلَغَ الْخَبَرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ بِالْخُرُوجِ عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، وَقِيلَ لَهُ لِيَحْبِسَهُ، وَخُوِّفَ عَاقِبَةَ أَمْرِهِ إِنْ تَرَكَهُ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنْ هُمْ قَاتَلُونَا قَاتَلْنَاهُمْ، وَإِنْ تَرَكُونَا لَمْ نَطْلُبْهُمْ.

إِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ يَطْلُبُونَ بِدَمِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، فَرَحِمَ اللَّهُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ، إِنَّهُمْ آمِنُونَ، فَلْيَخْرُجُوا ظَاهِرِينَ وَلْيَسِيرُوا إِلَى مَنْ قَاتَلَ الْحُسَيْنَ، فَقَدْ أَقْبَلَ إِلَيْهِمْ، يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ، وَأَنَا لَهُمْ ظَهِيرٌ، هَذَا ابْنُ زِيَادٍ قَاتِلُ الْحُسَيْنِ وَقَاتِلُ أَخْيَارِكُمْ وَأَمَاثِلِكُمْ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَيْكُمْ، وَقَدْ فَارَقُوهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>