للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُوسَى كَانَ قَدْ تُوُفِّيَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَ يُوشَعَ بِالْمَسِيرِ إِلَى مَدِينَةِ الْجَبَّارِينَ، فَسَارَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ، فَفَارَقَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ بُلْعُمُ بْنُ بَاعُورَ، وَكَانَ يَعْرِفُ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ، وَسَاقَ مِنْ حَدِيثِهِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ.

فَلَمَّا ظَفِرَ يُوشَعُ بِالْجَبَّارِينَ أَدْرَكَهُ الْمَسَاءُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَدَعَا اللَّهَ فَرَدَّ الشَّمْسَ عَلَيْهِ وَزَادَ فِي النَّهَارِ سَاعَةً فَهَزَمَ الْجَبَّارِينَ وَدَخَلَ مَدْيَنَتَهُمْ، وَجَمَعَ غَنَائِمَهُمْ لِيَأْخُذَهَا الْقُرْبَانُ، فَلَمْ تَأْتِ النَّارُ، فَقَالَ يُوشَعُ: فِيكُمْ غُلُولٌ فَبَايِعُونِي، فَبَايَعُوهُ، فَلَصِقَتْ يَدُهُ فِي يَدِ مَنْ غَلَّ، فَأَتَاهُ بِرَأْسِ ثَوْرٍ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٍ بِالْيَاقُوتِ فَجَعَلَهُ فِي الْقُرْبَانِ وَجَعَلَ الرَّجُلَ مَعَهُ، فَجَاءَتِ النَّارُ فَأَكَلَتْهُمَا.

وَقِيلَ: بَلْ حَصَرَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا كَانَ السَّابِعُ تَقَدَّمُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَصَاحُوا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَسَقَطَ السُّورُ، فَدَخَلُوهَا وَهَزَمُوا الْجَبَّارِينَ، وَقَتَلُوا فِيهِمْ فَأَكْثَرُوا. ثُمَّ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ مُلُوكِ الشَّامِ، وَقَصَدُوا يُوشَعَ فَقَاتَلَهُمْ، وَهَزَمَهُمْ، وَهَرَبَ الْمُلُوكُ إِلَى غَارٍ، فَأَمَرَ بِهِمْ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، فَقُتِلُوا، وَصُلِبُوا. ثُمَّ مَلَكَ الشَّامَ جَمِيعَهُ فَصَارَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَفَرَّقَ عُمَّالَهُ فِيهِ. ثُمَّ تَوَفَّاهُ اللَّهُ فَاسْتَخْلَفَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ كَالَبَ بْنَ يُوفَنَّا، وَكَانَ عُمُرُ يُوشَعَ مِائَةً وَسِتًّا وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ قِيَامُهُ بِالْأَمْرِ بَعْدَ مُوسَى سَبْعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً.

وَأَمَّا مَنْ بَقِيَ مِنَ الْجَبَّارِينَ فَإِنَّ إِفْرِيقِشَ بْنَ قَيْسِ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ سَبَإِ بْنِ كَعْبِ بْنِ زَيْدِ بْنِ حِمْيَرَ بْنِ سَبَإِ بْنِ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ مَرَّ بِهِمْ مُتَوَجِّهًا إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ فَاحْتَمَلَهُمْ مِنْ سَوَاحِلِ الشَّامِ فَقَدِمَ بِهِمْ إِفْرِيقِيَّةَ فَافْتَتَحَهَا، وَقَتَلَ مَلِكَهُ جُرْجِيرَ، وَأَسْكَنَهُمْ إِيَّاهَا، فَهُمُ الْبَرَابِرَةُ. وَأَقَامَ مِنْ حِمْيِرَ فِي الْبَرْبَرِ صَنْهَاجَةُ وَكُتَامَةُ، فَهُمْ فِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>