للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دَعَوْتُكُمْ إِلَيْهِ مِنْ قِتَالِ الْمُحِلِّينَ وَالطَّلَبِ بِدِمَاءِ أَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكُمُ الْمُصْطَفَيْنَ.

فَقَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ وَأَخْبَرَهُمْ بِحَالِهِمْ وَمَسِيرِهِمْ وَأَنَّ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ أَمَرَهُمْ بِمُظَاهَرَتِهِ وَمُؤَازَرَتِهِ، وَقَالَ لَهُمْ: لِيُبْلِغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَاسْتَعِدُّوا وَتَأَهَّبُوا.

وَقَامَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا نَحْوًا مِنْ كَلَامِهِ.

فَاسْتَجْمَعَتْ لَهُ الشِّيعَةُ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمُ الشَّعْبِيُّ وَأَبُوهُ شَرَاحِيلُ، فَلَمَّا تَهَيَّأَ أَمْرُهُ لِلْخُرُوجِ قَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: إِنَّ أَشْرَافَ أَهْلِ الْكُوفَةِ مُجْمِعُونَ عَلَى قِتَالِكُمْ مَعَ ابْنِ مُطِيعٍ، فَإِنْ أَجَابَنَا إِلَى أَمْرِنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ رَجَوْنَا الْقُوَّةَ عَلَى عَدُوِّنَا، فَإِنَّهُ فَتًى رَئِيسٌ، وَابْنُ رَجُلٍ شَرِيفٍ، لَهُ عَشِيرَةٌ ذَاتُ عِزٍّ وَعَدَدٍ.

فَقَالَ لَهُمُ الْمُخْتَارُ: فَالْقَوْهُ وَادْعُوهُ. فَخَرَجُوا إِلَيْهِ وَمَعَهُمُ الشَّعْبِيُّ فَأَعْلَمُوهُ حَالَهُمْ وَسَأَلُوهُ مُسَاعَدَتَهُمْ عَلَيْهِ وَذَكَرُوا لَهُ مَا كَانَ أَبُوهُ عَلَيْهِ مِنْ وَلَاءٍ عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ. (فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي قَدْ أَجَبْتُكُمْ إِلَى الطَّلَبِ بِدَمِ الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ عَلَى أَنْ تُوَلُّونِي الْأَمْرَ) فَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ لِذَلِكَ أَهْلٌ وَلَكِنْ لَيْسَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلٌ، هَذَا الْمُخْتَارُ قَدْ جَاءَنَا مِنْ قِبَلِ الْمَهْدِيِّ وَهُوَ الْمَأْمُورُ بِالْقِتَالِ وَقَدْ أُمِرْنَا بِطَاعَتِهِ. فَسَكَتَ إِبْرَاهِيمُ وَلَمْ يُجِبْهُمْ، فَانْصَرَفُوا عَنْهُ فَأَخْبَرُوا الْمُخْتَارَ، فَمَكَثَ ثَلَاثًا ثُمَّ سَارَ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالشَّعْبِيُّ وَأَبُوهُ فِيهِمْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ، فَأَلْقَى لَهُمُ الْوَسَائِدَ، فَجَلَسُوا عَلَيْهَا وَجَلَسَ الْمُخْتَارُ مَعَهُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ: هَذَا كِتَابٌ مِنَ الْمَهْدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ وَابْنُ خَيْرِ أَهْلِهَا قَبْلَ الْيَوْمِ بَعْدَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَهُوَ يَسْأَلُكَ أَنْ تَنْصُرَنَا وَتُؤَازِرَنَا.

قَالَ الشَّعْبِيُّ: وَكَانَ الْكِتَابُ مَعِي، فَلَمَّا قَضَى كَلَامَهُ قَالَ لِي: ادْفَعِ الْكِتَابَ إِلَيْهِ، فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ الشَّعْبِيُّ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ: مِنْ مُحَمَّدٍ الْمَهْدِيِّ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْتَرِ، سَلَامٌ عَلَيْكَ فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ وَزِيرِي وَأَمِينِي الَّذِي ارْتَضَيْتُهُ لِنَفْسِي وَأَمَرْتُهُ بِقِتَالِ عَدُوِّي، وَالطَّلَبِ بِدِمَاءِ أَهْلِ بَيْتِي، فَانْهَضْ مَعَهُمْ بِنَفْسِكَ وَعَشِيرَتِكَ وَمَنْ أَطَاعَكَ فَإِنَّكَ إِنْ نَصَرْتَنِي وَأَجَبْتَ دَعْوَتِي، كَانَتْ لَكَ بِذَلِكَ عِنْدِي فَضِيلَةٌ، وَلَكَ أَعِنَّةُ الْخَيْلِ وَكُلُّ جَيْشٍ غَازٍ وَكُلُّ مِصْرٍ وَمِنْبَرٍ وَثَغْرٍ ظَهَرْتَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَأَقْصَى بِلَادِ الشَّامِ.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ قَالَ: قَدْ كَتَبَ إِلَيَّ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ قَبْلَ الْيَوْمِ وَكَتَبْتُ فَلَمْ يَكْتُبْ إِلَيَّ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ. قَالَ الْمُخْتَارُ: إِنَّ ذَلِكَ زَمَانٌ وَهَذَا زَمَانٌ. قَالَ: فَمَنْ يَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>