للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَخَيْرَ مَنْ لَبَّى وَحَيَّا وَسَجَدْ

فَأَرْسَلَهُ الْمُخْتَارُ إِلَى السِّجْنِ ثُمَّ أَحْضَرَهُ مِنَ الْغَدِ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ يَقُولُ، شِعْرٌ:

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا إِسْحَاقَ أَنَّا ... نَزَوْنَا نَزْوَةً كَانَتْ عَلَيْنَا

خَرَجْنَا لَا نَرَى الضُّعَفَاءَ شَيْئًا ... وَكَانَ خُرُوجُنَا بَطَرًا وَحَيْنَا

لَقِينَا مِنْهُمُ ضَرْبًا طِلَحْفًا ... وَطَعْنًا صَائِبًا حَتَّى انْثَنَيْنَا

نُصِرْتَ عَلَى عَدُوِّكَ كُلَّ يَوْمٍ ... بِكُلِّ كَتِيبَةٍ تَنْعَى حُسَيْنَا

كَنَصْرِ مُحَمَّدٍ فِي يَوْمِ بَدْرٍ ... وَيَوْمِ الشِّعْبِ إِذْ لَاقَى حُنَيْنَا

فَأَسْجِحْ إِذْ مَلَكْتَ فَلَوْ مَلَكْنَا ... لَجُرْنَا فِي الْحُكُومَةِ وَاعْتَدَيْنَا

تَقَبَّلْ تَوْبَةً مِنِّي فَإِنِّي ... سَأَشْكُرُ إِنْ جَعَلْتَ النَّقْدَ دَيْنَا

قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْمُخْتَارِ قَالَ: أَصْلَحَ اللَّهُ الْأَمِيرَ، أَحَلِفُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَقَدْ رَأَيْتُ الْمَلَائِكَةَ تُقَاتِلُ مَعَكَ عَلَى الْخُيُولِ الْبُلْقِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. فَقَالَ لَهُ الْمُخْتَارُ: اصْعَدِ الْمِنْبَرَ فَأَعْلِمِ النَّاسَ. فَصَعِدَ فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ ثُمَّ نَزَلَ، فَخَلَا بِهِ [الْمُخْتَارُ] فَقَالَ لَهُ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَمْ تَرَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا أَرَدْتَ مَا قَدْ عَرَفْتُ أَنْ لَا أَقْتُلَكَ، فَاذْهَبْ عَنِّي حَيْثُ شِئْتَ لَا تُفْسِدْ عَلَيَّ أَصْحَابِي. فَخَرَجَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَنَزَلَ عِنْدَ مُصْعَبٍ وَقَالَ، شِعْرٌ:

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا إِسْحَاقَ أَنِّي ... رَأَيْتُ الْبُلْقَ دُهْمًا مُصْمَتَاتِ

كَفَرْتُ بِوَحْيِكُمْ وَجَعَلْتُ نَذْرًا ... عَلَيَّ قِتَالَكُمْ حَتَّى الْمَمَاتِ

أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تُبْصِرَاهُ ... كِلَانَا عَالِمٌ بِالتُّرَّهَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>