للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقُتِلَ يَوْمَئِذٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَادَّعَى قَتْلَهُ سِعْرُ بْنُ أَبِي سِعْرٍ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ الشِّبَامِيُّ، وَشِبَامٌ، مِنْ هَمْدَانَ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِأَبِي الزُّبَيْرِ الشِّبَامِيِّ: أَتَقْتُلُ أَبِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ سَيِّدَ قَوْمِكَ؟ فَقَرَأَ: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢] الْآيَةَ.

وَانْجَلَتِ الْوَقْعَةُ عَنْ سَبْعِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ قَتِيلًا مِنْ قَوْمِهِ، وَكَانَ أَكْثَرُ الْقَتْلِ ذَلِكَ الْيَوْمَ فِي أَهْلِ الْيَمَنِ. وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ لِسِتِّ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّينَ.

وَخَرَجَ أَشْرَافُ النَّاسِ فَلَحِقُوا بِالْبَصْرَةِ، وَتَجَرَّدَ الْمُخْتَارُ لِقَتَلَةِ الْحُسَيْنِ، وَقَالَ: مَا مِنْ دِينِنَا أَنْ نَتْرُكَ قَتَلَةَ الْحُسَيْنِ أَحْيَاءً، بِئْسَ نَاصِرُ آلِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَا إِذًا فِي الدُّنْيَا، أَنَا إِذًا الْكَذَّابُ كَمَا سَمَّوْنِي، وَإِنِّي أَسْتَعِينُ بِاللَّهِ عَلَيْهِمْ فَسَمُّوهُمْ لِي، ثُمَّ اتْبَعُوهُمْ حَتَّى تَقْتُلُوهُمْ، فَإِنِّي لَا يَسُوغُ لِيَ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ حَتَّى أُطَهِّرَ الْأَرْضَ مِنْهُمْ. فَدُلَّ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ الْجُهَنِيِّ، وَمَالِكِ بْنِ بَشِيرٍ الْبَدِّيِّ، وَحَمَلِ بْنِ مَالِكٍ الْمُحَارِبِيِّ، فَبَعَثَ إِلَيْهِمُ الْمُخْتَارُ فَأَحْضَرَهُمْ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ! أَيْنَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ؟ أَدُّوا إِلَيَّ الْحُسَيْنَ، قَتَلْتُمْ مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ. فَقَالُوا: رَحِمَكَ اللَّهُ! بُعِثْنَا كَارِهِينَ فَامْنُنْ عَلَيْنَا وَاسْتَبْقِنَا. فَقَالَ لَهُمْ: هَلَّا مَنَنْتُمْ عَلَى الْحُسَيْنِ ابْنِ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ فَاسْتَبْقَيْتُمُوهُ وَسَقَيْتُمُوهُ؟ وَكَانَ الْبَدِّيُّ صَاحِبَ بُرْنُسِهِ، فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَتُرِكَ يَضْطَرِبُ حَتَّى مَاتَ، وَقَتَلَ الْآخَرِينَ، وَأَمَرَ بِزِيَادِ بْنِ مَالِكٍ الضُّبَعِيِّ، وَبِعِمْرَانَ بْنِ خَالِدٍ الْقُشَيْرِيِّ، وَبِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي خِشْكَارَةَ الْبَجَلِيِّ، وَبِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْخَوْلَانِيِّ، فَأُحْضِرُوا عِنْدَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: يَا قَتْلَةَ الصَّالِحِينَ، وَقَتَلَةَ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَدْ أَقَادَ اللَّهُ مِنْكُمُ الْيَوْمَ، لَقَدْ جَاءَكُمُ الْوَرْسُ فِي يَوْمِ نَحْسٍ.

وَكَانُوا نَهَبُوا مِنَ الْوَرْسِ الَّذِي كَانَ مَعَ الْحُسَيْنِ. ثُمَّ أَمَرَ بِهِمْ فَقُتِلُوا.

وَأُحْضِرَ عِنْدَهُ: عَبْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنَا صَلْخَتٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبِ بْنِ عَمْرٍو الْهَمْدَانِيُّ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ أَعْشَى هَمْدَانَ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، فَقُتِلُوا، وَأُحْضِرَ عِنْدَهُ: عُثْمَانُ بْنُ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ الدُّهْمَانِيُّ الْجُهَنِيُّ، وَأَبُو أَسْمَاءَ بِشْرُ بْنُ شُمَيْطٍ الْقَانِصِيُّ، وَكَانَا قَدِ اشْتَرَكَا فِي قَتْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَقِيلٍ وَفِي سَلْبِهِ، فَضَرَبَ أَعْنَاقَهَمَا، وَأُحْرِقَا بِالنَّارِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>