للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ تَصْرِمِي حِبَالَنَا فَرُبَّمَا ... أَرْدَيْتُ فِي الْهَيْجَا الْكَمِيَّ الْمُعْلِمَا

وَلَمَّا انْهَزَمَ أَصْحَابُ ابْنِ زِيَادٍ تَبِعَهُمْ أَصْحَابُ إِبْرَاهِيمَ، فَكَانَ مَنْ غَرِقَ أَكْثَرَ مِمَّنْ قُتِلَ، وَأَصَابُوا عَسْكَرَهُمْ وَفِيهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

وَأَرْسَلَ إِبْرَاهِيمُ الْبِشَارَةَ إِلَى الْمُخْتَارِ وَهُوَ بِالْمَدَائِنِ، وَأَنْفَذَ إِبْرَاهِيمُ عُمَّالَهُ إِلَى الْبِلَادِ، فَبَعَثَ أَخَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى نَصِيبِينَ، وَغَلَبَ عَلَى سِنْجَارَ وَدَارَا وَمَا وَالَاهُمَا مِنْ أَرْضِ الْجَزِيرَةِ، فَوَلَّى زُفَرَ بْنَ الْحَارِثِ قَرْقِيسِيَا، وَحَاتِمَ بْنَ النُّعْمَانِ الْبَاهِلِيَّ حَرَّانَ، وَالرُّهَاءَ، وَسُمَيْسَاطَ، وَنَاحِيَتَهَا، وَوَلَّى عُمَيْرَ بْنَ الْحُبَابِ السُّلَمِيَّ كَفْرَتُوثَا، وَطُورَ عَبْدِينَ.

وَأَقَامَ إِبْرَاهِيمُ بِالْمَوْصِلِ، وَأَنْفَذَ رَأْسَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ إِلَى الْمُخْتَارِ وَمَعَهُ رُءُوسُ قُوَّادِهِ، فَأُلْقِيَتْ فِي الْقَصْرِ، فَجَاءَتْ حَيَّةٌ دَقِيقَةٌ، فَتَخَلَّلَتِ الرُّءُوسَ حَتَّى دَخَلَتْ فِي فَمِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، ثُمَّ خَرَجَتْ مِنْ مَنْخَرِهِ، وَدَخَلَتْ فِي مِنْخَرِهِ وَخَرَجَتْ مِنْ فِيهِ، فَعَلَتْ هَذَا مِرَارًا، أَخْرَجَ هَذَا التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَ الزُّيُوفَ فِي الْإِسْلَامِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ، وَقَالَ بَعْضُ حُجَّابِ ابْنِ زِيَادٍ: دَخَلْتُ مَعَهُ الْقَصْرَ حِينَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ، فَاضْطَرَمَ فِي وَجْهِهِ نَارًا، فَقَالَ بِكُمِّهِ هَكَذَا عَلَى وَجْهِهِ وَقَالَ: لَا تُحَدِّثَنَّ بِهَذَا أَحَدًا.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: قَالَتْ مُرْجَانَةُ لِابْنِهَا عُبَيْدِ اللَّهِ بَعْدَ قَتْلِ الْحُسَيْنِ: يَا خَبِيثُ، قَتَلْتَ ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَرَى الْجَنَّةَ أَبَدًا! وَقَالَ ابْنُ مُفَرَّغٍ حِينَ قُتِلَ ابْنُ زِيَادٍ:

إِنَّ الْمَنَايَا إِذَا مَا زُرْنَ طَاغِيَةً ... هَتَّكْنَ أَسْتَارَ حِجَّابٍ وَأَبْوَابِ

أَقُولُ بُعْدًا وَسُحْقًا عِنْدَ مَصْرَعِهِ ... لِابْنِ الْخَبِيثَةِ وَابْنِ الْكَوْدَنِ الْكَابِي

لَا أَنْتَ زُوحِمْتَ عَنْ مُلْكٍ فَتَمْنَعُهُ ... وَلَا مَتَتَّ إِلَى قَوْمٍ بِأَسْبَابٍ

لَا مِنْ نِزَارٍ وَلَا مِنْ جَذْمِ ذِي يَمَنٍ ... جُلْمُودَ ذَا أُلْقِيتْ مِنْ بَيْنِ أَلْهَابِ

لَا تَقْبَلُ الْأَرْضُ مَوْتَاهُمْ إِذَا قُبِرُوا ... وَكَيْفَ تَقْبَلُ رِجْسًا بَيْنَ أَثْوَابِ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>