للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمُقَاسَاةِ الْأَعْمَالِ الشَّاقَّةِ.

وَلَمَّا سَقَطَ أَرَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْلَمُوا مُذْ كَمْ مَاتَ، فَوَضَعُوا الْأَرَضَةَ عَلَى الْعَصَا يَوْمًا وَلَيْلَةً فَأَكَلَتْ مِنْهَا، فَحَسَبُوا بِنِسْبَتِهِ فَكَانَ أَكْلُ تِلْكَ الْعَصَا فِي سَنَةٍ، ثُمَّ إِنَّ الشَّيَاطِينَ قَالُوا لِلْأَرَضَةِ: لَوْ كُنْتِ تَأْكُلِينَ الطَّعَامَ لَأَتَيْنَاكِ بِأَطْيَبِ الطَّعَامِ، وَلَوْ كُنْتِ تَشْرَبِينَ الشَّرَابَ لَأَتَيْنَاكِ بِأَطْيَبِ الشَّرَابِ، وَلَكِنَّا سَنَنْقُلُ لَكِ الْمَاءَ وَالطِّينَ، فَهُمْ يَنْقُلُونَ إِلَيْهَا ذَلِكَ حَيْثُ كَانَتْ. أَلَمْ تَرَ إِلَى الطِّينِ يَكُونُ فِي وَسَطِ الْخَشَبَةِ؟ فَهُوَ مَا يَنْقُلُونَهُ لَهَا!

قِيلَ: إِنَّ الْجِنَّ وَالشَّيَاطِينَ شَكَوْا مَا يَلْحَقُهُمْ مِنَ التَّعَبِ، وَالنَّصَبِ إِلَى بَعْضِ أُولِي التَّجْرِبَةِ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: كَانَ إِبْلِيسُ، فَقَالَ لَهُمْ: أَلَسْتُمْ تَنْصَرِفُونَ بِأَحْمَالٍ وَتَعُودُونَ بِغَيْرِ أَحْمَالٍ؟ قَالُوا: بَلَى. قَالَ: فَلَكُمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ رَاحَةٌ، فَحَمَلَتِ الرِّيحُ الْكَلَامَ، فَأَلْقَتْهُ فِي أُذُنِ سُلَيْمَانَ، فَأَمَرَ الْمُوَكَّلِينَ بِهِمْ أَنَّهُمْ إِذَا جَاءُوا بِالْأَحْمَالِ، وَالْآلَاتِ الَّتِي يُبْنَى بِهَا إِلَى مَوْضِعِ الْبِنَاءِ، وَالْعَمَلِ يُحَمِّلُهُمْ مَنْ هُنَاكَ فِي عَوْدِهِمْ مَا يَلْقَوْنَهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي فِيهَا الْأَعْمَالُ لِيَكُونَ أَشَقَّ عَلَيْهِمْ وَأَسْرَعَ فِي الْعَمَلِ، فَاجْتَازُوا بِذَلِكَ الَّذِي شَكَوْا إِلَيْهِ حَالَهُمْ فَأَعْلَمُوهُ حَالَهُمْ فَقَالَ لُهَمُ: انْتَظِرُوا الْفَرَجَ فَإِنَّ الْأُمُورَ إِذَا تَنَاهَتْ تَغَيَّرَتْ، فَلَمْ تَطُلْ مُدَّةُ سُلَيْمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ، وَكَانَ مُدَّةُ عُمُرِهِ ثَلَاثًا وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَمُلْكُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>