للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَتْ طَائِفَةٌ أَتَتْ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصَّادِقَ قَبْلَ خُرُوجِ زَيْدٍ، فَأَخْبَرُوهُ بِبَيْعَةَ زَيْدٍ، فَقَالَ: بَايِعُوهُ فَهُوَ وَاللَّهِ أَفْضَلُنَا وَسَيِّدُنَا، فَعَادُوا وَكَتَمُوا ذَلِكَ.

وَكَانَ زَيْدٌ وَاعَدَ أَصْحَابَهُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ صَفَرٍ، وَبَلَغَ ذَلِكَ يُوسُفَ بْنَ عُمَرَ، فَبَعَثَ إِلَى الْحَكَمِ يَأْمُرُهُ أَنْ يَجْمَعَ أَهْلَ الْكُوفَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ يَحْصُرُهُمْ فِيهِ، فَجَمَعَهُمْ فِيهِ، وَطَلَبُوا زَيْدًا فِي دَارِ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الْأَنْصَارِيِّ، فَخَرَجَ مِنْهَا لَيْلًا، وَرَفَعُوا الْهَرَادِيَّ فِيهَا النِّيرَانُ وَنَادَوْا: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا بَعْثَ زَيْدٌ الْقَاسِمَ التُّبَّعِيَّ ثُمَّ الْحَضْرَمِيَّ وَآخَرُ مِنْ أَصْحَابِهِ يُنَادِيَانِ بِشِعَارِهِمَا، فَلَمَّا كَانَا بِصَحْرَاءِ عَبْدِ الْقَيْسِ لَقِيَهُمَا جَعْفَرُ بْنُ الْعَبَّاسِ الْكِنْدِيُّ فَحَمَلَا عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ، فَقَتَلَ الَّذِي كَانَ مَعَ الْقَاسِمِ التُّبَّعِيِّ وَارْتُثَّ الْقَاسِمُ وَأُتِيَ بِهِ الْحَكَمُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ، فَكَانَا أَوَّلَ مَنْ قُتِلَ مِنْ أَصْحَابِ زَيْدٍ. وَأَغْلَقَ الْحَكَمُ دُرُوبَ السُّوقِ وَأَبْوَابَ الْمَسْجِدِ عَلَى النَّاسِ.

وَبَعَثَ الْحَكَمُ إِلَى يُوسُفَ بِالْحِيرَةِ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَأَرْسَلَ جَعْفَرَ بْنَ الْعَبَّاسِ لِيَأْتِيَهُ بِالْخَبَرِ، فَسَارَ فِي خَمْسِينَ فَارِسًا حَتَّى بَلَغَ جَبَّانَةَ سَالِمٍ فَسَأَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى يُوسُفَ فَأَخْبَرَهُ، فَسَارَ يُوسُفُ إِلَى تَلٍّ قَرِيبٍ مِنَ الْحِيرَةِ فَنَزَلَ عَلَيْهِ وَمَعَهُ أَشْرَافُ النَّاسِ، فَبَعَثَ الرَّيَّانَ بْنَ سَلَمَةَ الْأَرَّانِيَّ فِي أَلْفَيْنِ وَمَعَهُ ثَلَاثُمِائَةٍ مِنَ الْقِيقَانِيَّةِ رَجَّالَةً مَعَهُمُ النَّشَّابُ.

وَأَصْبَحَ زَيْدٌ فَكَانَ جَمِيعُ مَنْ وَافَاهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِائَتَيْ رَجُلٍ وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَقَالَ زَيْدٌ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَيْنَ النَّاسُ؟ فَقِيلَ: إِنَّهُمْ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ مَحْصُورُونَ.

فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِعُذْرٍ لِمَنْ بَايَعَنَا! وَسَمِعَ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ الْعَبْسِيُّ النِّدَاءَ فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَلَقِيَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ صَاحِبَ شُرْطَةِ الْحَكَمِ فِي خَيْلِهِ مِنْ جُهَيْنَةَ فِي الطَّرِيقِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ نَصْرٌ وَأَصْحَابُهُ، فَقُتِلَ عَمْرٌو وَانْهَزَمَ مَنْ كَانَ مَعَهُ، وَأَقْبَلَ زَيْدٌ عَلَى جَبَّانَةِ سَالِمٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى جَبَّانَةِ الصَّائِدِينَ وَبِهَا خَمْسُمِائَةٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ زَيْدٌ فِيمَنْ مَعَهُ وَهَزَمَهُمْ، فَانْتَهَى زَيْدٌ إِلَى دَارِ أَنَسِ بْنِ عَمْرٍو الْأَزْدِيِّ، وَكَانَ فِيمَنْ بَايَعَهُ وَهُوَ فِي الدَّارِ، فَنُودِيَ فَلَمْ يُجِبْهُمْ، وَنَادَاهُ زَيْدٌ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ، فَقَالَ زَيْدٌ: مَا أَخْلَفَكُمْ؟ قَدْ فَعَلْتُمُوهَا، اللَّهُ حَسِيبُكُمْ، ثُمَّ انْتَهَى زَيْدٌ إِلَى الْكُنَاسَةِ فَحَمَلَ عَلَى مَنْ بِهَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ فَهَزَمَهُمْ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>