للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَارَ زَيْدٌ وَيُوسُفُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ، فَلَوْ قَصَدَهُ لَقَتَلَهُ، وَالرَّيَّانُ يَتْبَعُ أَثَرَ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ بِالْكُوفَةِ فِي أَهْلِ الشَّامِ، فَأَخَذَ زَيْدٌ عَلَى مُصَلَّى خَالِدٍ حَتَّى دَخَلَ الْكُوفَةَ، وَسَارَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ نَحْوَ جَبَّانَةِ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ، فَلَقَوْا أَهْلَ الشَّامِ فَقَاتَلُوهُمْ، فَأَسَرَ أَهْلُ الشَّامِ مِنْهُمْ رَجُلًا، فَأَمَرَ بِهِ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فَقُتِلَ.

فَلَمَّا رَأَى زَيْدٌ خِذْلَانَ النَّاسِ إِيَّاهُ قَالَ: يَا نَصْرُ بْنَ خُزَيْمَةَ أَنَا أَخَافُ أَنْ يَكُونُوا قَدْ فَعَلُوهَا حُسَيْنِيَّةً. قَالَ: أَمَّا أَنَا وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَعَكَ حَتَّى أَمُوتَ، وَإِنَّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ فَامْضِ بِنَا نَحْوَهُمْ. فَلَقِيَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الْكِنْدِيُّ عِنْدَ دَارِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ، فَاقْتَتَلُوا، فَانْهَزَمَ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَصْحَابُهُ، وَجَاءَ زَيْدٌ حَتَّى انْتَهَى إِلَى بَابِ الْمَسْجِدِ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يُدْخِلُونَ رَايَاتِهِمْ مِنْ فَوْقِ الْأَبْوَابِ وَيَقُولُونَ: يَا أَهْلَ الْمَسْجِدِ اخْرُجُوا مِنَ الذُّلِّ إِلَى الْعِزِّ، اخْرُجُوا إِلَى الدِّينِ وَالدُّنْيَا فَإِنَّكُمْ لَسْتُمْ فِي دِينٍ وَلَا دُنْيَا. فَرَمَاهُمْ أَهْلُ الشَّامِ بِالْحِجَارَةِ مِنْ فَوْقِ الْمَسْجِدِ.

وَانْصَرَفَ الرَّيَّانُ عِنْدَ الْمَسَاءِ إِلَى الْحِيرَةِ، وَانْصَرَفَ زَيْدٌ فِيمَنْ مَعَهُ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَنَزَلَ دَارَ الرِّزْقِ، فَأَتَاهُ الرَّيَّانُ بْنُ سَلَمَةَ فَقَاتَلَهُ عِنْدَ دَارِ الرِّزْقِ وَجُرِحَ أَهْلُ الشَّامِ وَمَعَهُمْ نَاسٌ كَثِيرٌ، وَرَجَعَ أَهْلُ الشَّامِ مَسَاءَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ أَسْوَأَ شَيْءٍ ظَنًّا.

فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ أَرْسَلَ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ الْعَبَّاسَ بْنَ سَعِيدٍ الْمُزَنِيَّ فِي أَهْلِ الشَّامِ فَانْتَهَى إِلَى زَيْدٍ فِي دَارِ الرِّزْقِ، فَلَقِيَهُ زَيْدٌ وَعَلَى مُجَنَّبَتِهِ نَصْرُ بْنُ خُزَيْمَةَ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَحَمَلَ نَابِلُ بْنُ فَرْوَةَ الْعَبْسِيُّ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ عَلَى نَصْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ فَضَرَبَهُ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَ فَخِذَهُ، وَضَرَبَهُ نَصْرٌ فَقَتَلَهُ، وَلَمْ يَلْبَثْ نَصْرٌ أَنْ مَاتَ وَاشْتَدَّ قِتَالُهُمْ، فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ الْعَبَّاسِ وَقُتِلَ مِنْهُمْ نَحْوٌ مِنْ سَبْعِينَ رَجُلًا.

فَلَمَّا كَانَ الْعِشَاءُ عَبَّأَهُمْ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ ثُمَّ سَرَّحَهُمْ، فَالْتَقَوْا هُمْ وَأَصْحَابُ زَيْدٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ زِيدٌ فِي أَصْحَابِهِ فَكَشَفَهُمْ وَتَبِعَهُمْ حَتَّى أَخْرَجَهُمْ إِلَى السَّبْخَةِ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَيْهِمْ بِالسَّبْخَةِ حَتَّى أَخْرَجَهُمْ إِلَى بَنِي سُلَيْمٍ، وَجَعَلَتْ خَيْلُهُمْ لَا تَثْبُتُ لِخَيْلِهِ، فَبَعَثَ الْعَبَّاسُ إِلَى يُوسُفَ يُعْلِمُهُ ذَلِكَ وَقَالَ لَهُ: ابْعَثْ إِلَيَّ النَّاشِبِيَّةَ، فَبَعَثَهُمْ إِلَيْهِ، فَجَعَلُوا يَرْمُونَ أَصْحَابَ زَيْدٍ، فَقَاتَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَنْصَارِيُّ بَيْنَ يَدَيْ زَيْدٍ قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ وَثَبَتَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى اللَّيْلِ، فَرُمِيَ زَيْدٌ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ جَانِبَ جَبْهَتِهِ الْيُسْرَى

<<  <  ج: ص:  >  >>