للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمَّارٍ: كَانَ الْمَأْمُونُ شَدِيدَ الْمَيْلِ إِلَى الْعَلَوِيِّينَ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِمْ، وَخَبَرُهُ مَشْهُورٌ مَعَهُمْ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ طَبْعًا لَا تَكَلُّفًا، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ فِي أَيَّامِهِ يَحْيَى بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْعَلَوِيُّ، فَحَضَرَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ، وَرَأَى النَّاسَ عَلَيْهِ مِنَ الْحُزْنِ وَالْكَآبَةِ مَا تَعَجَّبُوا مِنْهُ.

ثُمَّ إِنَّ وَلَدًا لِزَيْنَبَ بِنْتِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَهِيَ ابْنَةُ عَمِّ الْمَنْصُورِ، تُوُفِّيَ بَعْدَهُ، فَأَرْسَلَ لَهُ الْمَأْمُونُ كَفَنًا، وَسَيَّرَ أَخَاهُ صَالِحًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ، وَيُعَزِّيَ أُمَّهُ، فَإِنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ الْعَبَّاسِيِّينَ بِمَنْزِلَةٍ عَظِيمَةٍ، فَأَتَاهَا، وَعَزَّاهَا عَنْهُ، وَاعْتَذَرَ عَنْ تَخَلُّفِهِ عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، فَظَهَرَ غَضَبُهَا، وَقَالَتْ لِابْنِ ابْنِهَا: تَقَدَّمْ فَصَلِّ عَلَى أَبِيكَ، وَتَمَثَّلَتْ:

سَبَكْنَاهُ وَنَحْسَبُهُ لُجَيْنًا ... فَأَبْدَى الْكِيرُ عَنْ خَبَثِ الْحَدِيدِ

ثُمَّ قَالَتْ لِصَالِحٍ: قُلْ لَهُ، يَابْنَ مَرَاجِلَ: أَمَّا لَوْ كَانَ يَحْيَى بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ زَيْدٍ لَوَضَعْتَ ذَيْلَكَ عَلَى فِيكَ وَعَدَوْتَ خَلْفَ جِنَازَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>