للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذِكْرُ وِلَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ عَلَى خُرَاسَانَ

وَلَمَّا فَرَغَ السَّعِيدُ مِنْ أَمْرِ جُرْجَانَ، وَأَحْكَمَهُ، اسْتَعْمَلَ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْمُظَفَّرِ بْنِ مُحْتَاجٍ عَلَى جُيُوشِ خُرَاسَانَ، وَرَدَّ إِلَيْهِ تَدْبِيرَ الْأُمُورِ بِنَوَاحِي خُرَاسَانَ جَمِيعِهَا، وَعَادَ إِلَى بُخَارَى مَقَرِّ عِزِّهِ، وَكُرْسِيِّ مُلْكِهِ.

وَكَانَ سَبَبُ تَقَدُّمِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُظَفَّرِ أَنَّهُ كَانَ يَوْمًا عِنْدَ السَّعِيدِ، وَهُوَ يُحَادِثُهُ فِي بَعْضِ مُهِمَّاتِهِ خَالِيًا، فَلَسَعَتْهُ عَقْرَبٌ فِي إِحْدَى رِجْلَيْهِ عِدَّةَ لَسَعَاتٍ، فَلَمْ يَتَحَرَّكْ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَثَرُ ذَلِكَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حَدِيثِهِ، وَعَادَ مُحَمَّدٌ إِلَى مَنْزِلِهِ، نَزَعَ خُفَّهُ فَرَأَى الْعَقْرَبَ فَأَخَذَهَا.

فَانْتَهَى خَبَرُ ذَلِكَ إِلَى السَّعِيدِ، فَأُعْجِبَ بِهِ، وَقَالَ: مَا عَجِبْتُ إِلَّا مِنْ فَرَاغِ بَالِكَ لِتَدْبِيرِ مَا قُلْتُهُ لَكَ، فَهَلَّا قُمْتَ وَأَزَلْتَهَا! فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَقْطَعَ حَدِيثَ الْأَمِيرِ بِسَبَبِ عَقْرَبٍ، وَإِذَا لَمْ أَصْبِرْ بَيْنَ يَدَيْكَ عَلَى لَسْعَةِ عَقْرَبٍ فَكَيْفَ أَصْبِرُ، وَأَنَا بَعِيدٌ مِنْكَ عَلَى حَدِّ سُيُوفِ أَعْدَاءِ دَوْلَتِكَ إِذَا دَفَعْتُهُمْ عَنْ مَمْلَكَتِكَ؟ فَعَظُمَ مَحَلُّهُ عِنْدَهُ، وَأَعْطَاهُ مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>