للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْحَسَنُ الْقَرْمَطِيُّ فَإِنَّهُ وَصَلَ مُنْهَزِمًا إِلَى طَبَرِيَةَ، فَأَدْرَكَهُ رَسُولُ الْعَزِيزِ يَدْعُوهُ إِلَى الْعَوْدِ إِلَيْهِ لِيُحْسِنَ إِلَيْهِ، وَيَفْعَلَ أَكْثَرَ مِمَّا فَعَلَ مَعَ الْفَتْكِينِ، فَلَمْ يَرْجِعْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْعَزِيزُ عِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ وَجَعَلَهَا كُلَّ سَنَةٍ، فَكَانَ يُرْسِلُهَا إِلَيْهِ، وَعَادَ إِلَى الْأَحْسَاءِ.

وَلَمَّا عَادَ الْعَزِيزُ إِلَى مِصْرَ أَنْزَلَ الْفَتْكِينُ عِنْدَهُ قَصْرَهُ، وَزَادَ أَمْرُهُ، وَتَحَكَّمَ، فَتَكَبَّرَ عَلَى وَزِيرِهِ يَعْقُوبَ بْنِ كِلِّسٍ، وَتَرَكَ الرُّكُوبَ إِلَيْهِ، فَصَارَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ مُتَأَكِّدَةٌ، فَوَضَعَ عَلَيْهِ مَنْ سَقَاهُ سُمًّا فَمَاتَ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ الْعَزِيزُ وَاتَّهَمَ الْوَزِيرَ فَحَبَسَهُ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَأَخَذَ مِنْهُ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، ثُمَّ وَقَفَتْ أُمُورُ دَوْلَةِ الْعَزِيزِ بِاعْتِزَالِ الْوَزِيرِ، فَخَلَعَ عَلَيْهِ، وَأَعَادَهُ إِلَى وِزَارَتِهِ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ سَارَ الْحَجَّاجُ إِلَى سُمَيْرَاءَ فَرَأَوْا هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ بِهَا، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِأَنْ يُرَى الْهِلَالُ بَعْدَهُ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، وَبَلَغَهُمْ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ الْمَاءَ إِلَى غَمْرَةَ، وَهُوَ بِهَا أَيْضًا قَلِيلٌ، وَبَيْنَهُمَا نَحْوُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، فَغَدَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ فَوَقَفُوا بِهَا وَعَادُوا، فَكَانُوا أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فِي الْكُوفَةِ.

وَفِيهَا ظَهَرَ بِإِفْرِيقِيَّةَ كَوْكَبٌ عَظِيمٌ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ، وَلَهُ ذُؤَابَةٌ وَضَوْءٌ عَظِيمٌ، فَبَقِيَ يَطْلُعُ كَذَلِكَ نَحْوًا مِنْ شَهْرٍ ثُمَّ غَابَ فَلَمْ يُرَ.

[الْوَفَيَاتُ]

وَفِيهَا تُوُفِّيَ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ أَبِي مُوسَى الْمُخَرِّمِيُّ الصُّوفِيُّ نَزِيلُ مَكَّةَ، وَكَانَ قَدْ صَحِبَ أَبَا عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيَّ وَطَبَقَتَهُ وَغَيْرَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>