للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّالِثُ أَتَاهُ فَقَالَ: أَتُسْلِمُ أَوْ أَكْسِرُ الْعَصَا؟ فَقَالَ: بِهِلْ بِهِلْ! فَكَسَرَ الْعَصَا ثُمَّ خَرَجَ. فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا تَهَوُّرُ مُلْكِهِ وَانْبِعَاثُ ابْنِهِ وَالْفُرْسِ حَتَّى قَتَلُوهُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: «قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى كِسْرَى فِيكَ؟ قَالَ: (بَعَثَ إِلَيْهِ مَلَكًا، فَأَخْرَجَ يَدَهُ إِلَيْهِ مِنْ جِدَارِ بَيْتِهِ تَلَأْلَأُ نُورًا، فَلَمَّا رَآهَا فَزِعَ فَقَالَ لَهُ: لَا تُرَعْ يَا كِسْرَى! إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ رَسُولًا، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا فَاتَّبِعْهُ تَسْلَمْ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ. قَالَ: سَأَنْظُرُ) » .

ذِكْرُ وَقْعَةِ ذِي قَارٍ وَسَبَبِهِ

ذَكَرُوا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «قَالَ لَمَّا بَلَغَهُ مَا كَانَ مِنْ ظَفَرِ رَبِيعَةَ بِجَيْشِ كِسْرَى: (هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَ الْعَرَبُ فِيهِ مِنَ الْعَجَمِ وَبِي نُصِرُوا) » . فَحَفِظَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَكَانَ يَوْمَ الْوَاقِعَةِ.

قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ التَّمِيمِيُّ وَأَخُوهُ عَمَّارٌ، وَهُوَ أُبَيٌّ، وَعَمْرٌو، وَهُوَ سُمَيٌّ، يَكُونُونَ مَعَ الْأَكَاسِرَةِ وَلَهُمْ إِلَيْهِمُ انْقِطَاعٌ، وَكَانَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْمُنْذِرِ لَمَّا مَلَكَ جَعَلَ ابْنَهُ النُّعْمَانَ فِي حِجْرِ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَ لَهُ غَيْرَ النُّعْمَانِ أَحَدَ عَشَرَ وَلَدًا وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ الْأَشَاهِبَ لِجَمَالِهِمْ. فَلَمَّا مَاتَ الْمُنْذِرُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَخَلَّفَ أَوْلَادَهُ أَرَادَ كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ أَنْ يُمَلِّكَ عَلَى الْعَرَبِ مَنْ يَخْتَارُهُ، فَأَحْضَرَ عَدِيَّ بْنَ زَيْدٍ وَسَأَلَهُ عَنْ أَوْلَادِ الْمُنْذِرِ، فَقَالَ: هُمْ رِجَالٌ، فَأَمَرَهُ بِإِحْضَارِهِمْ. فَكَتَبَ عَدِيٌّ فَأَحْضَرَهُمْ وَأَنْزَلَهُمْ، وَكَانَ يُفَضِّلُ إِخْوَةَ النُّعْمَانِ عَلَيْهِ وَيُرِيهِمْ أَنَّهُ لَا يَرْجُو النُّعْمَانَ وَيَخْلُو بِوَاحِدٍ وَاحِدٍ وَيَقُولُ لَهُ: إِذَا سَأَلَكَ الْمَلِكُ أَتَكْفُونَنِي الْعَرَبَ؟ قُولُوا: نَكْفِيكَهُمْ إِلَّا النُّعْمَانَ. وَقَالَ لِلنُّعْمَانِ: إِذَا سَأَلَكَ الْمَلِكُ عَنْ إِخْوَتِكَ فَقُلْ لَهُ: إِذَا عَجِزْتُ عَنْ إِخْوَتِي فَأَنَا عَنْ غَيْرِهِمْ أَعْجَزُ.

وَكَانَ مِنْ بَنِي مَرِينَا رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَدِيُّ بْنُ أَوْسِ بْنِ مَرِينَا، وَكَانَ دَاهِيًا شَاعِرًا، وَكَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>