للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.]

٤٦٣ -

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ.

ذِكْرُ الْخُطْبَةِ لِلْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَالسُّلْطَانِ بِحَلَبَ.

فِي هَذِهِ السَّنَةِ خَطَبَ مَحْمُودُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مِرْدَاسٍ بِحَلَبَ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلِلسُّلْطَانِ أَلْب أَرْسَلَانَ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ رَأَى إِقْبَالَ دَوْلَةِ السُّلْطَانِ وَقُوَّتَهَا، وَانْتِشَارَ دَعْوَتِهَا، فَجَمَعَ أَهْلَ حَلَبَ وَقَالَ: هَذِهِ دَوْلَةٌ جَدِيدَةٌ، وَمَمْلَكَةٌ شَدِيدَةٌ، وَنَحْنُ تَحْتَ الْخَوْفِ مِنْهُمْ، وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَكُمْ لِأَجْلِ مَذَاهِبِكُمْ، وَالرَّأْيُ أَنْ نُقِيمَ الْخُطْبَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ وَقْتٌ لَا يَنْفَعُنَا فِيهِ قَوْلٌ وَلَا بَذْلٌ، فَأَجَابَ الْمَشَايِخُ [إِلَى] ذَلِكَ وَلَبِسَ الْمُؤَذِّنُونَ السَّوَادَ، وَخَطَبُوا لِلْقَائِمِ بِأَمْرِ اللَّهِ وَالسُّلْطَانِ، فَأَخَذَتِ الْعَامَّةُ حُصْرَ الْجَامِعِ، وَقَالُوا: هَذِهِ حُصْرُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلْيَأْتِ أَبُو بَكْرٍ بِحُصْرٍ يُصَلِّي عَلَيْهَا بِالنَّاسِ.

وَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ إِلَى مَحْمُودٍ الْخِلَعَ مَعَ نَقِيبِ النُّقَبَاءِ طِرَادِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّيْنَبِيِّ، فَلَبِسَهَا، وَمَدَحَهُ ابْنُ سِنَانٍ الْخَفَاجِيُّ، وَأَبُو الْفِتْيَانِ بْنُ حَيُّوسٍ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهُ بْنُ عَطِيَّةَ يَمْدَحُ الْقَائِمَ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَيَذْكُرُ الْخُطْبَةَ بِحَلَبَ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ:

كَمْ طَائِعٍ لَكَ لَمْ تَجْلِبْ عَلَيْهِ

،

وَلَمْ تَعْرِفْ لِطَاعَتِهِ غَيْرَ التُّقَى سَبَبَا ... هَذَا الْبَشِيرُ بِإِذْعَانِ الْحِجَازِ

،

وَذَا دَاعِي دِمَشْقَ وَذَا الْمَبْعُوثُ مِنْ حَلَبَا

<<  <  ج: ص:  >  >>