للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُجَاعٍ أَيَّامَ الْمُقْتَدِي بِأَمْرِ اللَّهِ، فَأَحْضَرَهُمْ إِلَى بَغْدَاذَ، فَسَأَلَ مَشَايِخَهُمْ عَلَى الَّذِي يُقَالُ فِيهِمْ، فَأَنْكَرُوا وَجَحَدُوا، فَأَطْلَقَهُمْ.

وَاتُّهِمَ أَيْضًا إِلْكَيَّا الْهَرَّاسُ، الْمُدَرِّسُ بِالنِّظَامِيَّةِ، بِأَنَّهُ بَاطِنِيٌّ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْهُ إِلَى السُّلْطَانِ مُحَمَّدٍ، فَأَمَرَ بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ، فَأَرْسَلَ الْمُسْتَظْهِرُ بِاللَّهِ مَنِ اسْتَخْلَصَهُ، وَشَهِدَ لَهُ بِصِحَّةِ الِاعْتِقَادِ، وَعُلُوِّ الدَّرَجَةِ فِي الْعِلْمِ، فَأُطْلِقَ.

ذِكْرُ حَصْرِ الْأَمِيرِ بَزْغَشَ قُهِسْتَانَ وَطَبَسَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ جَمَعَ الْأَمِيرُ بَزْغَشُ، وَهُوَ أَكْبَرُ أَمِيرٍ مَعَ السُّلْطَانِ سَنْجَرَ، جُمُوعًا كَثِيرَةً، وَقَوَّاهُمْ بِالْمَالِ وَالسِّلَاحِ، وَسَارَ إِلَى بَلَدِ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَنَهَبَهُ، وَخَرَّبَهُ، وَقَتَلَ فِيهِمْ فَأَكْثَرَ، وَحَصَرَ طَبَسَ، وَضَيَّقَ عَلَيْهَا، وَرَمَاهَا بِالْمَنْجَنِيقِ، فَخَرَّبَ كَثِيرًا مِنْ سُورِهَا، وَضَعُفَ مَنْ بِهَا، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَخْذُهَا، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ الرِّشَا الْكَثِيرَةَ، وَاسْتَنْزَلُوهُ عَمَّا كَانَ يُرِيدُهُ مِنْهُمْ، فَرَحَلَ عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ، فَعَاوَدُوا عِمَارَةَ مَا انْهَدَمَ مِنْ سُورِهَا، وَمَلَأُوهَا ذَخَائِرَ مِنْ سِلَاحٍ وَأَقْوَاتٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ عَاوَدَهُمْ بَزْغَشُ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَكَانَ مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ذِكْرُ مَا مَلِكَ الْفِرِنْجُ مِنَ الشَّامِ

فِيهَا سَارَ كُنْدُفْرِي، مَلِكُ الْفِرِنْجِ بِالشَّامِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، إِلَى مَدِينَةِ عَكَّا، بِسَاحِلِ الشَّامِ، فَحَصَرَهَا، فَأَصَابَهُ سَهْمٌ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ قَدْ عَمَّرَ مَدِينَةَ يَافَا وَسَلَّمَهَا إِلَى قُمَّصٍ مِنَ الْفِرِنْجِ اسْمُهُ: طَنْكِرِي، فَلَمَّا قُتِلَ كُنْدُفْرِي سَارَ أَخُوهُ بَغْدَوِينُ إِلَى الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ فِي خَمْسِمِائَةِ فَارِسٍ وَرَاجِلٍ، فَبَلَغَ الْمَلِكَ دُقَاقَ، صَاحِبَ دِمَشْقَ، خَبَرُهُ، فَنَهَضَ إِلَيْهِ فِي عَسْكَرِهِ، وَمَعَهُ الْأَمِيرُ جَنَاحُ الدَّوْلَةِ فِي جُمُوعِهِ، فَقَاتَلَهُ، فَنُصِرَ عَلَى الْفِرِنْجِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>