للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، تَفَقَّهَ عَلَى أَبِيهِ وَأَفْتَى وَنَاظَرَ، وَكَانَ يَعِظُ، وَيُكْثِرُ فِي كَلَامِهِ مِنَ التَّجَانُسِ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:

أَيْنَ الْقُدُودُ الْعَالِيَةُ، وَالْخُدُودُ الْوَرْدِيَّةُ، مُلِئَتْ بِهَا وَاللَّهِ الْعَالِيَةُ وَالْوَرْدِيَّةُ، وَهُمَا مَقْبَرَتَانِ بِنَهَرِ الْمُعَلَّى.

وَمِنْ شِعْرِهِ:

الدَّمْعُ دَمًا يَسِيلُ مِنْ أَجْفَانِي ... إِنْ عِشْتُ مَعَ الْبُكَا فَمَا أَجْفَانِي

سِجْنِي شَجَنِي وَهَمَّنِي سَمَّانِي ... الْعَاذِلُ بِالْمَلَامِ قَدْ سَمَّانِي

وَالذِّكْرُ لَهُمْ يَزِيدُ فِي أَشْجَانِي ... وَالنَّوْحُ مَعَ الْحَمَامِ قَدْ أَشْجَانِي

ضَاقَتْ بِبُعَادِ مُنْيَتِي أَعْطَانِي ... وَالْبَيْنُ يَدَ الْهُمُومِ قَدْ أَعْطَانِي

وَفِيهَا تُوُفِّيَ ابْنُ أَبِي الصَّلْتِ الشَّاعِرُ، وَمِنْ شِعْرِهِ يَذُمُّ ثَقِيلًا:

لِي صَدِيقٌ عَجِبْتُ كَيْفَ ... اسْتَطَاعَتْ هَذِهِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ تُقِلُّهْ

أَنَا أَرْعَاهُ مُكْرِمًا وَبِقَلْبِي مِنْهُ ... مَا يَنْسِفُ الْجِبَالَ أَقِلُّهْ

هُوَ مِثْلُ الْمَشِيبِ أَكْرَهُ رُؤْيَا ... هُ وَلَكِنْ أَصُونُهُ وَأُجِلُّهْ

وَلَهُ أَيْضًا:

سَادَ صِغَارُ النَّاسِ فِي عَصْرِنَا ... لَا دَامَ مِنْ عَصْرٍ وَلَا كَانَا

كَالدَّسْتِ مَهْمَا هَمَّ أَنْ يَنْقَضِيَ ... صَارَ بِهِ الْبَيْذَقُ فِرْزَانَا

وَفِيهَا تُوُفِّيَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ أَبُو رَشِيدٍ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ، مِنْ أَهْلٍ طَبَرِسْتَانَ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ أَيْضًا وَرَوَاهُ، وَكَانَ زَاهِدًا عَابِدًا، أَقَامَ بِجَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ سِنِينَ مُنْفَرِدًا يَعْبُدُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَعَادَ إِلَى آمِلَ فَتُوُفِّيَ فِيهَا وَقَبَرُهُ يُزَارُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>