للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَهَنَ غَيْرُهُ مِنَ الرُّؤَسَاءِ، وَانْصَرَفَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَوَضَعُوا الْحَرْبَ وَهَدَمُوا مَا بَيْنَهُمْ مِنَ الْعَدَاوَةِ وَالشَّرِّ، وَتَعَاهَدُوا عَلَى أَنْ لَا يُؤْذِيَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِيمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ الْبَرَّاضِ وَعُرْوَةَ.

[يَوْمُ ذِي نَجَبٍ]

وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ يَوْمِ ذِي نَجَبٍ أَنَّ بَنِي عَامِرٍ لَمَّا أَصَابُوا مِنْ تَمِيمٍ مَا أَصَابُوا يَوْمَ جَبَلَةَ رَجَوْا أَنْ يَسْتَأْصِلُوهُمْ، فَكَاتَبُوا حَسَّانَ بْنَ كَبْشَةَ الْكِنْدِيَّ، وَكَانَ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ كِنْدَةَ، وَهُوَ حَسَّانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُجْرٍ فَدَعَوْهُ إِلَى أَنْ يَغْزُوَ مَعَهُمْ بَنِي حَنْظَلَةَ مِنْ تَمِيمٍ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا فُرْسَانَهُمْ وَرُؤَسَاءَهُمْ، فَأَقْبَلَ مَعَهُمْ بِصَنَائِعِهِ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ. فَلَمَّا أَتَى بَنِي حَنْظَلَةَ خَبَرُ مَسِيرِهِمْ قَالَ لَهُمْ عَمْرُو بْنُ عَمْرٍو: يَا بَنِي مَالِكٍ إِنَّهُ لَا طَاقَةَ لَكُمْ بِهَذَا الْمَلِكِ وَمَا مَعَهُ مِنَ الْعَدَدِ، فَانْتَقِلُوا مِنْ مَكَانِكُمْ، وَكَانُوا فِي أَعَالِي الْوَادِي مِمَّا يَلِي مَجِيءَ الْقَوْمِ، وَكَانَتْ بَنُو يَرْبُوعٍ بِأَسْفَلِهِ، فَتَحَوَّلَتْ بَنُو مَالِكٍ حَتَّى نَزَلَتْ خَلْفَ بَنِي يَرْبُوعٍ، وَصَارَتْ بَنُو يَرْبُوعٍ تَلِي الْمَلِكَ.

فَلَمَّا رَأَوْا مَا صَنَعَ بَنُو مَالِكٍ اسْتَعَدُّوا وَتَقَدَّمُوا إِلَى طَرِيقِ الْمَلِكِ. فَلَمَّا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ وَصَلَ ابْنُ كَبْشَةَ فِيمَنْ مَعَهُ وَقَدِ اسْتَعَدَّ الْقَوْمُ فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا رَآهُمْ بَنُو مَالِكٍ وَصَبْرَهُمْ فِي الْقِتَالِ سَارُوا إِلَيْهِمْ وَشَهِدُوا مَعَهُمُ الْقِتَالَ، فَاقْتَتَلُوا مَلِيًّا فَضَرَبَ حُشَيْشُ بْنُ نِمْرَانَ الرِّيَاحِيُّ ابْنَ كَبْشَةَ الْمَلِكَ عَلَى رَأْسِهِ فَصَرَعَهُ، فَمَاتَ، وَقُتِلَ عُبَيْدَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَانْهَزَمَ طُفَيْلُ بْنُ مَالِكٍ عَلَى فَرَسِهِ قُرْزُلَ، وَقُتِلَ عَمْرُو بْنُ الْأَحْوَصِ بْنِ جَعْفَرٍ وَكَانَ رَئِيسَ عَامِرٍ، وَانْهَزَمَ بَنُو عَامِرٍ وَصَنَائِعُ ابْنِ كَبْشَةَ.

قَالَ جَرِيرٌ فِي الْإِسْلَامِ يَذْكُرُ الْيَوْمَ بِذِي نَجَبٍ: بِذِي نَجَبٍ ذُدْنَا وَوَاكَلَ مَالِكٌ أَخًا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الطِّعَانِ بِوَاكِلِ

وَكَانَ يَوْمُ ذِي نَجَبٍ بَعْدَ يَوْمِ ذِي جَبَلَةَ بِسَنَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>