للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَقَدَّمُوا وَعَلَيْهِمُ الْأَصَمُّ عَمْرُو بْنُ قَيْسِ بْنِ مَسْعُودٍ أَبُو مَفْرُوقٍ وَحَنْظَلَةُ بْنُ سَيَّارٍ الْعِجْلِيُّ وَحُمْرَانُ بْنُ عَمْرٍو الْعَبْسِيُّ، فَلَمَّا الْتَقَوْا جَعَلَتْ تَمِيمٌ وَالرِّبَابُ بَعِيرَيْنِ وَجَلَّلُوهُمَا، وَجَعَلُوا عِنْدَهُمَا مَنْ يَحْفَظُهُمَا، وَتَرَكُوهُمَا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ مَعْقُولَيْنِ وَسَمُّوهُمَا زُوَيْرَيْنِ، يَعْنِي إِلَهَيْنِ، وَقَالُوا: لَا نَفِرُّ حَتَّى يَفِرَّ هَذَانِ الْبَعِيرَانِ. فَلَمَّا رَأَى أَبُو مَفْرُوقٍ الْبَعِيرَيْنِ سَأَلَ عَنْهُمَا فَأُعْلِمَ حَالَهُمَا، فَقَالَ: أَنَا زُوَيْرُكُمْ، وَبَرَكَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ وَقَالَ: قَاتِلُوا عَنِّي وَلَا تَفِرُّوا حَتَّى أَفِرَّ. فَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا، فَوَصَلَتْ شَيْبَانُ إِلَى الْبَعِيرَيْنِ فَأَخَذُوهُمَا فَذَبَحُوهُمَا وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ عَلَيْهِمَا، فَانْهَزَمَتْ تَمِيمٌ وَقُتِلَ أَبُو الرَّئِيسِ مُقَدِّمُهُمْ وَمَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَاجْتَرَفَتْ بَكْرٌ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَسَرُوا أَسْرَى كَثِيرَةً، وَوَصَلَ الْحَوْفَزَانُ إِلَى النِّسَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَعَادَ إِلَى أَصْحَابِهِ سَالِمًا، وَقَالَ الْأَعْشَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ:

يَا سَلْمَ لَا تَسْأَلِي عَنَّا فَلًا كُشِفَتْ ... عِنْدَ اللِّقَاءِ وَلَا سُودٌ مَقَارِيفُ

نَحْنُ الَّذِينَ هَزَمْنَا يَوْمَ صَبَّحْنَا ... يَوْمَ الزُّوَيْرَيْنِ فِي جَمْعِ الْأَحَالِيفِ

ظَلُّوا وَظَلَّتْ تَكِرُّ الْخَيْلُ وَسْطَهُمُ ... بِالشِّيبِ مِنَّا وَبِالْمُرْدِ الْغَطَارِيفِ

تَسْتَأْنِسُ الشَّرَفَ الْأَعْلَى بِأَعْيُنِهَا لَمْحَ ... الصُّقُورِ عَلَتْ فَوْقَ الْأَظَالِيفِ

انْسَلَّ عَنْهَا بِسَيْلِ الصَّيْفِ فَانْجَرَدَتْ ... تَحْتَ اللُّبُودِ مُتُونٌ كَالزَّحَالِيفِ

وَقَدْ أَكْثَرَ الشُّعَرَاءُ فِي هَذَا الْيَوْمِ، لَا سِيَّمَا الْأَغْلَبُ الْعِجْلِيُّ، فَمِنْ ذَلِكَ أُرْجُوزَتُهُ أَوَّلُهَا:

إِنْ سَرَّكَ الْعِزُّ فَجَحْجِحْ بِجُشَمْ

يَقُولُ فِيهَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>