للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُسَامُ الدِّينِ تِمِرْتَاشُ، مَا يُفْعَلُ فِي بَلَدِهِ قَالَ: كُنَّا نَشْكُو مِنْ أَتَابَكَ الشَّهِيدِ، وَأَيْنَ أَيَّامُهُ؟ لَقَدْ كَانَتْ أَعْيَادًا. قَدْ حَصَرَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ، فَلَمْ يَأْخُذْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ عَسْكَرِهِ مِخْلَاةَ تِبْنٍ بِغَيْرِ ثَمَنٍ، وَلَا تَعَدَّى هُوَ وَعَسْكَرُهُ حَاصِلَ السُّلْطَانِ، وَأَرَى هَذَا يَنْهَبُ الْبِلَادَ وَيُخَرِّبُهَا.

ثُمَّ رَاسَلَهُ وَصَالَحَهُ، وَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ، وَرَحَلَ سَيْفُ الدِّينِ عَنْهُ وَعَادَ إِلَى الْمَوْصِلِ، وَجُهِّزَتِ ابْنَةُ حُسَامِ الدِّينِ وَسُيِّرَتْ إِلَيْهِ، فَوَصَلَتْ وَهُوَ مَرِيضٌ قَدْ أَشَفَى عَلَى الْمَوْتِ، فَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ، وَمَلَكَ قُطْبُ الدِّينِ مَوْدُودٌ، فَتَزَوَّجَهَا، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَفِيهَا اشْتَدَّ الْغَلَاءُ بِإِفْرِيقِيَّةَ وَدَامَتْ أَيَّامُهُ، فَإِنَّ أَوَّلَهُ كَانَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَعَظُمَ الْأَمْرُ عَلَى أَهْلِ الْبِلَادِ حَتَّى أَكَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقَصَدَ أَهْلُ الْبَوَادِي الْمُدُنَ مِنَ الْجُوعِ، فَأَغْلَقَهَا أَهْلُهَا دُونَهُمْ، وَتَبِعَهُ وَبَاءٌ وَمَوْتٌ كَثِيرٌ، حَتَّى خَلَتِ الْبِلَادُ. وَكَانَ أَهْلُ الْبَيْتِ لَا يَبْقَى مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَسَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِلَى صِقِلِّيَةَ فِي طَلَبِ الْقُوتِ، وَلَقُوا أَمْرًا عَظِيمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>