للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ هَذَا آخَرَ أَمْرِهِمْ.

وَلَمَّا أَقَامَ قُطْبُ الدِّينِ بِالْحِلَّةِ امْتَنَعَ الْحَاجُّ مِنَ السَّفَرِ، فَتَأَخَّرُوا إِلَى أَنْ رَحَلَ عَنْهَا، فَدَخَلُوا مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى عَرَفَاتٍ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهَذَا مَا لَمْ يُسْمَعْ بِمِثْلِهِ، وَفَاتَ كَثِيرًا مِنْهُمُ الْحَجُّ.

وَلَمَّا هَرَبَ قُطْبُ الدِّينِ خَلَعَ الْخَلِيفَةُ عَلَى عَضُدِ الدِّينِ الْوَزِيرِ وَأُعِيدَ [إِلَى] الْوِزَارَةِ.

قَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فِي قُطْبِ الدِّينِ وَتُنَامُشَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ:

إِنْ كُنْتَ مُعْتَبِرًا بِمُلْكٍ زَائِلٍ ... وَحَوَادِثٍ عَنَقِيَّةِ الْإِدْلَاجِ

فَدَعِ الْعَجَائِبَ وَالتَّوَارِيخَ الْأُولَى ... وَانْظُرْ إِلَى قَايْمَازَ وَابْنِ قَمَاجِ

عَطَفَ الزَّمَانُ عَلَيْهِمَا فَسَقَاهُمَا ... مِنْ كَأْسِهِ صِرْفًا بِغَيْرِ مِزَاجِ

فَتَبَدَّلُوا بَعْدَ الْقُصُورِ وَظِلِّهَا ... وَنَعِيمِهَا بِمَهَامِهٍ وَفِجَاجِ

فَلْيَحْذَرِ الْبَاقُونَ مِنْ أَمْثَالِهَا ... نَكَبَاتِ دَهْرٍ خَائِنٍ مِزْعَاجِ

وَكَانَ قُطْبُ الدِّينِ كَرِيمًا، طَلْقَ الْوَجْهِ، مُحِبًّا لِلْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ، كَثِيرَ الْبَذْلِ لِلْمَالِ. وَالَّذِي كَانَ جَرَى مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ يَحْمِلُهُ عَلَيْهِ تُنَامُشُ وَلَمْ يَكُنْ بِإِرَادَتِهِ.

ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ زَعِيمُ الدِّينِ صَاحِبُ الْمَخْزَنِ، وَاسْمُهُ يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُعَمَّرِ بْنِ جَعْفَرَ أَبُو الْفَضْلِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ عِدَّةَ سِنِينَ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الطَّرِيقِ، وَنَابَ عَنِ الْوِزَارَةِ، وَتَنَقَّلَ فِي هَذِهِ الْأَعْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً، وَكَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>