للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثْلَ عَامِرٍ يُهْجَى بِمِثْلِ هَذَا، ثُمَّ قَالَ يُخَطِّئُ عَامِرًا فِي ذِكْرِهِ امْرَأَةً مِنْ عَقَائِلِهِمْ:

فَإِنْ يَكُ عَامِرٌ قَدْ قَالَ جَهْلًا ... فَإِنَّ مَطِيَّةَ الْجَهْلِ الشَّبَابُ

فَإِنَّكَ سَوْفَ تَحْلُمُ أَوْ تُبَاهِي ... إِذَا مَا شِبْتَ أَوْ شَابَ الْغُرَابُ

فَكُنْ كَأَبِيكَ أَوْ كَأَبِي بَرَاءٍ ... تُوَافِقْكَ الْحُكُومَةُ وَالصَّوَابُ

فَلَا تَذْهَبْ بِحُلْمِكَ طَامِيَاتٌ ... مِنَ الْخُيَلَاءِ لَيْسَ لَهُنَّ بَابُ

إِلَى آخِرِهَا. فَلَمَّا سَمِعَهَا عَامِرٌ قَالَ: مَا هُجِيتُ قَبْلَهَا.

[يَوْمُ سَاحُوقَ]

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: غَزَتْ بَنُو ذُبْيَانَ بَنِي عَامِرٍ وَهُمْ بِسَاحُوقَ، وَعَلَى ذُبْيَانَ سِنَانُ بْنُ أَبِي حَارِثَةَ الْمُرِّيُّ، وَقَدْ جَهَّزَهُمْ وَأَعْطَاهُمُ الْخَيْلَ وَالْإِبِلَ وَزَوَّدَهُمْ، فَأَصَابُوا نَعَمًا كَثِيرَةً وَعَادُوا، فَلَحِقَتْهُمْ بَنُو عَامِرٍ وَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا. ثُمَّ انْهَزَمَتْ بَنُو عَامِرٍ وَأُصِيبَ مِنْهُمْ رِجَالٌ وَرَكِبُوا الْفَلَاةَ، فَهَلَكَ أَكْثَرُهُمْ عَطَشًا، وَكَانَ الْحَرُّ شَدِيدًا، وَجَعَلَتْ ذُبْيَانُ تُدْرِكُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ فَيَقُولُونَ لَهُ: قِفْ وَلَكَ نَفْسُكَ وَضَعْ سِلَاحَكَ، فَيَفْعَلُ. وَكَانَ يَوْمًا عَظِيمًا عَلَى عَامِرٍ، وَانْهَزَمَ عَامِرُ بْنُ الطُّفَيْلِ وَأَخُوهُ الْحَكَمُ، ثُمَّ إِنَّ الْحَكَمَ ضَعُفَ وَخَافَ أَنْ يُؤْسَرَ، فَجَعَلَ فِي عُنُقِهِ حَبْلًا وَصَعِدَ إِلَى شَجَرَةٍ وَشَدَّهُ وَدَلَّى نَفْسَهُ فَاخْتَنَقَ، وَفَعَلَ مِثْلَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي غَنِيٍّ، فَلَمَّا أَلْقَى نَفْسَهُ نَدِمَ فَاضْطَرَبَ، فَأَدْرَكُوهُ وَخَلَّصُوهُ وَعَيَّرُوهُ بِجَزَعِهِ، وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ الْعَبْسِيُّ فِي ذَلِكَ:

وَنَحْنُ صَبَحْنَا عَامِرًا فِي دِيَارِهَا ... عُلَالَةَ أَرْمَاحٍ وَضَرْبًا مُذَكَّرَا

بِكُلِّ رُقَاقِ الشَّفْرَتَيْنِ مُهَنَّدٍ ... وَلَدْنٍ مِنَ الْخَطِّيِّ قَدْ طُرَّ أَسَمَرَا

عَجِبْتُ لَهُمْ إِذْ يَخْنُقُونَ نُفُوسَهُمْ ... وَمَقْتَلُهُمْ تَحْتَ الْوَغَى كَانَ أَجْدَرَا

<<  <  ج: ص:  >  >>