للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ وَالْمَلِكُ الظَّاهِرُ غَازِي بْنُ صَلَاحِ الدِّينِ - صَاحِبُ حَلَبَ -، وَنَاصِرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ تَقِيِّ الدِّينِ - صَاحِبُ حَمَاةَ -، وَأَسَدُ الدِّينِ شِيرْكُوه بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شِيرْكُوهْ - صَاحِبُ حِمْصَ -، وَعَسْكَرُ الْمَوْصِلِ وَغَيْرِهَا، كُلُّ هَؤُلَاءِ اجْتَمَعُوا بِدِمَشْقَ، وَاتَّفَقُوا عَلَى حِفْظِهَا. عِلْمًا مِنْهُمْ أَنَّ الْعَزِيزَ إِنْ مَلَكَهَا أَخَذَ بِلَادَهُمْ.

فَلَمَّا رَأَى الْعَزِيزُ اجْتِمَاعَهُمْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْبَلَدِ، فَتَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ حِينَئِذٍ فِي الصُّلْحِ، فَاسْتَقَرَّتِ الْقَاعِدَةُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ وَمَا جَاوَرَهُ مِنْ أَعْمَالِ فِلَسْطِينَ لِلْعَزِيزِ، وَتَبْقَى دِمَشْقُ وَطَبَرِيَّةُ وَأَعْمَالُهَا وَالْغَوْرُ لِلْأَفْضَلِ، عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُعْطِيَ الْأَفْضَلُ أَخَاهُ الْمَلِكَ الظَّاهِرَ جَبَلَةَ وَلَاذِقِيَّةَ بِالسَّاحِلِ الشَّامِيِّ، وَأَنْ يَكُونَ لِلْعَادِلِ بِمِصْرَ إِقْطَاعُهُ الْأَوَّلُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى ذَلِكَ، وَعَادَ الْعَزِيزُ إِلَى مِصْرَ، وَرَجَعَ كُلُّ وَاحِدٌ مِنَ الْمُلُوكِ إِلَى بَلَدِهِ.

ذِكْرُ عَدَّةِ حَوَادِثَ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ زَلْزَلَةٌ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ بِالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْبِلَادِ، وَسَقَطَتْ مِنْهَا الْجَبَّانَةُ الَّتِي عِنْدَ مَشْهَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَفِيهَا - فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ - اجْتَمَعَتْ زِعْبٌ وَغَيْرُهَا مِنَ الْعَرَبِ، وَقَصَدُوا مَدِينَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى إِلَيْهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ هَاشِمُ بْنُ قَاسِمٍ - أَخُو أَمِيرِ الْمَدِينَةِ - فَقَاتَلَهُمْ، فَقُتِلَ هَاشِمٌ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ قَدْ تَوَجَّهَ إِلَى الشَّامِ ; فَلِهَذَا طَمِعَتِ الْعَرَبُ فِيهِ.

[الْوَفَيَاتُ]

وَفِيهَا تُوُفِّيَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ الطَّرَسُوسِيُّ الْحَلَبِيُّ بِهَا، فِي شَعْبَانَ، وَكَانَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

<<  <  ج: ص:  >  >>