للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَظَلِيمُ مَا يُدْرِيكِ رُبَّةَ خُلَّةٍ

حَسَنٌ تَرَغَّمَهَا كَظَبْيِ الْحَائِلِ ... قَدْ بِتُّ مَالِكَهَا وَشَارِبَ قَهْوَةٍ

دِرْيَاقَةٍ رَوَّيْتُ مِنْهَا وَاغْلِي ... بَيْضَاءُ صَافِيَةٌ يُرَى مِنْ دُونِهَا

قَعْرُ الْإِنَاءِ يُضِيءُ وَجْهَ النَّاهِلِ ... وَسَرَابَ هَاجِرَةٍ قَطَعْتُ إِذَا جَرَى

فَوْقَ الْإِكَامِ بِذَاتِ لَوْنٍ بَاذِلِ ... أُجُدٌ مَرَاحِلُهَا كَأَنَّ عِفَاءَهَا

سِقْطَانُ مِنْ كَتِفَيْ ظَلِيمٍ جَافِلِ ... فَلْنَأْكُلَنَّ بِنَاجِزٍ مِنْ مَالِنَا

وَلْنَشْرَبَنَّ بِدَيْنِ عَامٍ قَابِلِ ... إِنِّي مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ إِذَا انْتَدَوْا

بَدَأُوا بِبِرِّ اللَّهِ ثُمَّ النَّائِلِ ... الْمَانِعِينَ مِنَ الْخَنَا جِيرَانَهُمْ

وَالْحَاشِدِينَ عَلَى طَعَامِ النَّازِلِ ... وَالْخَالِطِينَ غَنِيَّهُمْ بِفَقِيرِهِمْ

وَالْبَاذِلِينَ عَطَاءَهُمْ لِلسَّائِلِ ... وَالضَّارِبِينَ الْكَبْشَ يَبْرُقُ بَيْضُهُ

ضَرْبَ الْمُهَنَّدِ عَنْ حِيَاضِ النَّاهِلِ ... وَالْعَاطِفِينَ عَلَى الْمَصَافِ خُيُولَهُمْ

وَالْمُلْحِقِينَ رِمَاحَهُمْ بِالْقَاتِلِ ... وَالْمُدْرِكِينَ عَدُوَّهُمْ بِذُحُولِهِمْ

وَالنَّازِلِينَ لِضَرْبِ كُلِّ مُنَازِلِ ... وَالْقَائِلِينَ مَعًا خُذُوا أَقْرَانَكُمْ

إِنَّ الْمَنِيَّةَ مِنْ وَرَاءِ الْوَائِلِ ... خُزْرٍ عُيُونُهُمُ إِلَى أَعْدَائِهِمْ

يَمْشُونَ مَشْيَ الْأُسْدِ تَحْتَ الْوَابِلِ ... لَيْسُوا بِأَنْكَاسٍ وَلَا مِيلٍ إِذَا

مَا الْحَرْبُ شُبَّتْ أَشْعَلُوا بِالشَّاعِلِ ... لَا يَطْبَعُونَ وَهُمْ عَلَى أَحْسَابِهِمْ

يَشْفُونَ بِالْأَحْلَامِ دَاءَ الْجَاهِلِ ... وَالْقَائِلِينَ فَلَا يُعَابُ خَطِيبُهُمْ

يَوْمَ الْمَقَالَةِ بِالْكَلَامِ الْفَاصِلِ

وَإِنَّمَا أَثْبَتْنَا هَذِهِ الْأَبْيَاتِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْوَقْعَةِ لِجَوْدَتِهَا وَحُسْنِهَا.

[حَرْبُ حَاطِبٍ]

ثُمَّ كَانَتِ الْوَقْعَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِحَاطِبٍ. وَهُوَ حَاطِبُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفٍ الْأَوْسِيُّ، وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ حَرْبِ سُمَيْرٍ نَحْوَ مِائَةِ سَنَةٍ. وَكَانَ بَيْنَهُمَا أَيَّامٌ ذَكَرْنَا الْمَشْهُورَ مِنْهَا وَتَرَكْنَا مَا لَيْسَ بِمَشْهُورٍ. وَحَرْبُ حَاطِبٍ آخِرُ وَقْعَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ إِلَّا يَوْمَ بُعَاثٍ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>