للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَجَهَّزَ النَّاسُ وَأَرْسَلُوا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ، وَهُمْ: عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، وَهُبَيْرَةُ بْنُ أَبِي وَهْبٍ، وَابْنُ الزِّبَعْرَى، وَأَبُو عَزَّةَ الْجُمَحِيُّ، فَسَارُوا فِي الْعَرَبِ لِيَسْتَنْفِرُوهُمْ، فَجَمَعُوا جَمْعًا مِنْ ثَقِيفٍ وَكِنَانَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَاجْتَمَعَتْ قُرَيْشٌ بِأَحَابِيشِهَا وَمَنْ أَطَاعَهَا مِنْ قَبَائِلِ كِنَانَةَ وَتِهَامَةَ، وَدَعَا جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ غُلَامَهُ وَحْشِيَّ بْنَ حَرْبٍ، وَكَانَ حَبَشِيًّا يَقْذِفُ بِالْحَرْبَةِ قَلَّ مَا يُخْطِئُ، فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مَعَ النَّاسِ، فَإِنْ قَتَلْتَ عَمَّ مُحَمَّدٍ بِعَمِّي طُعَيْمَةَ بْنِ عَدِيٍّ فَأَنْتَ عَتِيقٌ.

وَخَرَجُوا مَعَهُمْ بِالظَّعْنِ لِئَلَّا يَفِرُّوا، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ قَائِدَ النَّاسِ، فَخَرَجَ بِزَوْجَتِهِ هِنْدَ بِنْتِ عُتْبَةَ، وَغَيْرُهُ مِنْ رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ خَرَجُوا بِنِسَائِهِمْ، خَرَجَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ بِزَوْجَتِهِ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَخَرَجَ الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ أُخْتِ خَالِدٍ، وَخَرَجَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ بِبَرِيرَةَ، وَقِيلَ: بَرْزَةُ بِنْتُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّةُ أُخْتُ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، وَهِيَ أُمُّ ابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ بِرَيْطَةَ بِنْتِ مُنَبِّهِ بْنِ الْحَجَّاجِ، وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَخَرَجَ طَلْحَةُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ بِسُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، وَهِيَ أُمُّ بَنِيهِ مُسَافِعٍ وَالْجُلَاسِ وَكِلَابٍ وَغَيْرِهِمْ.

وَكَانَ مَعَ النِّسَاءِ الدُّفُوفُ يَبْكِينَ عَلَى قَتْلَى بَدْرٍ يُحَرِّضْنَ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ.

وَكَانَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ الْأَنْصَارِيُّ، وَكَانَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُبَاعِدًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ خَمْسُونَ غُلَامًا مِنَ الْأَوْسِ، وَقِيلَ كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَكَانَ يَعِدُ قُرَيْشًا أَنَّهُ لَوْ لَقِيَ مُحَمَّدًا لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ مِنَ الْأَوْسِ رَجُلَانِ. فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ بِأُحُدٍ كَانَ أَبُو عَامِرٍ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَ فِي الْأَحَابِيشِ وَعَبْدَانِ أَهْلَ مَكَّةَ، فَنَادَى: يَا مَعْشَرَ الْأَوْسِ، أَنَا أَبُو عَامِرٍ. فَقَالُوا: فَلَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا يَا فَاسِقُ! فَقَالَ: لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَرٌّ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا حَتَّى رَاضَخَهُمْ بِالْحِجَارَةِ. وَكَانَتْ هِنْدُ كُلَّمَا مَرَّتْ بِوَحْشِيٍّ أَوْ مَرَّ بِهَا قَالَتْ لَهُ: يَا أَبَا دُسْمَةَ، اشْفِ وَاسْتَشْفِ، وَكَانَ يُكَنَّى أَبَا دُسْمَةَ. فَأَقْبَلُوا حَتَّى نَزَلُوا بِعَيْنَيْنِ بِجَبَلٍ بِبَطْنِ السَّبْخَةِ مِنْ قَنَاةٍ عَلَى شَفِيرِ الْوَادِي مِمَّا يَلِي الْمَدِينَةَ.

فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ بَقَرًا فَأَوَّلْتُهَا خَيْرًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>