للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُيُوفَكُمْ، فَإِنِّي أَرَى السُّيُوفَ سَتُسَلُّ الْيَوْمَ.

وَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نَزَلَ بِعَدْوَةِ الْوَادِي، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ وَعَسْكَرَهُ إِلَى أُحُدٍ.

وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ ثَلَاثَةَ آلَافٍ، مِنْهُمْ سَبْعُمِائَةِ دَارِعٍ، وَالْخَيْلُ مِائَتَيْ فَرَسٍ، وَالظَّعْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ امْرَأَةً، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ مِائَةَ دَارِعٍ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْخَيْلِ غَيْرُ فَرَسَيْنِ، فَرَسٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفَرَسٌ لِأَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ، وَعَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقَاتِلَةَ فَرَدَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَابْنَ عُمَرَ، وَأُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ، وَالْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَعَرَابَةَ بْنَ أَوْسٍ، وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَغَيْرَهُمْ، وَأَجَازَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، وَرَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ.

وَأَرْسَلَ أَبُو سُفْيَانَ إِلَى الْأَنْصَارِ يَقُولُ: خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّنَا، فَنَنْصَرِفُ عَنْكُمْ فَلَا حَاجَةَ بِنَا إِلَى قِتَالِكُمْ. فَرَدُّوا عَلَيْهِ بِمَا يَكْرَهُ.

وَتَعَبَّأَ الْمُشْرِكُونَ فَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِمْ عِكْرِمَةَ بْنَ أَبِي جَهْلٍ، وَكَانَ لِوَاؤُهُمْ مَعَ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو سُفْيَانَ: إِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِ رَايَاتِهِمْ، فَإِمَّا أَنْ تَكْفُونَا وَإِمَّا أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ اللِّوَاءِ. يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ. فَقَالُوا: سَتَعْلَمُ إِذَا الْتَقَيْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ. وَذَلِكَ أَرَادَ.

وَاسْتَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَدِينَةَ وَتَرَكَ أُحُدًا خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَجَعَلَ وَرَاءَهُ الرُّمَاةَ، وَهُمْ خَمْسُونَ رَجُلًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، أَخَا خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَالَ لَهُ: انْضَحْ عَنَّا الْخَيْلَ بِالنَّبْلِ، لَا يَأْتُونَا مِنْ خَلْفِنَا، وَاثْبُتْ مَكَانَكَ إِنْ كَانَتْ لَنَا أَوْ عَلَيْنَا. وَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَأَعْطَى اللِّوَاءَ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ، وَأَمَّرَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْخَيْلِ وَمَعَهُ الْمِقْدَادُ، وَخَرَجَ حَمْزَةُ بِالْجَيْشِ بَيْنَ يَدَيْهِ.

وَأَقْبَلَ خَالِدٌ وَعِكْرِمَةُ فَلَقِيَهُمَا الزُّبَيْرُ وَالْمِقْدَادُ فَهَزَمَا الْمُشْرِكِينَ، وَحَمَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ فَهَزَمُوا أَبَا سُفْيَانَ، وَخَرَجَ طَلْحَةُ بْنُ عُثْمَانَ صَاحِبُ لِوَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ، إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ اللَّهَ يُعْجِلُنَا بِسُيُوفِكُمْ إِلَى النَّارِ، وَيُعْجِلُكُمْ بِسُيُوفِنَا إِلَى الْجَنَّةِ، فَهَلْ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُعْجِلُهُ سَيْفِي إِلَى الْجَنَّةِ أَوْ يُعْجِلُنِي سَيْفُهُ إِلَى النَّارِ؟ فَبَرَزَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَضَرَبَهُ عَلِيٌّ فَقَطَعَ رِجْلَهُ، فَسَقَطَ وَانْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ، فَنَاشَدَهُ اللَّهَ وَالرَّحِمَ فَتَرَكَهُ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لِعَلِيٍّ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجْهِزَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: إِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>