للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَعْتَقَهُمْ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرَةَ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلَدَةَ، وَإِنَّمَا قِيلَ لَهُ: أَبُو بَكْرَةَ بِبَكْرَةٍ نَزَلَ فِيهَا، وَغَيْرُهُ. فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطَّائِفِ تَكَلَّمَتْ سَادَاتُ أُولَئِكَ الْعَبِيدِ فِي أَنْ يَرُدَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الرِّقِّ فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ، أُولَئِكَ عُتَقَاءُ اللَّهِ.

ثُمَّ إِنَّ خُوَيْلَةَ بِنْتَ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةَ، وَهِيَ امْرَأَةُ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعْطِنِي إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ الطَّائِفَ حُلِيَّ بَادِيَةَ بِنْتِ غَيْلَانَ، أَوْ حُلِيَّ الْفَارِعَةِ بِنْتِ عَقِيلٍ، وَكَانَتَا مِنْ أَكْثَرِ النِّسَاءِ حُلِيًّا. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتِ إِنْ كَانَ لَمْ يُؤْذَنْ لِي فِي ثَقِيفٍ يَا خُوَيْلَةُ؟ فَخَرَجَتْ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا حَدِيثٌ حَدَّثَتْنِيهِ خُوَيْلَةُ أَنَّكَ قَدْ قُلْتَهُ؟ قَالَ: قَدْ قُلْتُهُ. قَالَ: أَفَلَا أُؤَذِّنُ بِالرَّحِيلِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَذَّنَ بِالرَّحِيلِ.

وَقِيلَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَشَارَ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدُّثْلِيَّ فِي الْمُقَامِ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثَعْلَبٌ فِي جُحْرٍ، إِنْ أَقَمْتَ عَلَيْهِ أَخَذْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ، فَأَذَّنَ بِالرَّحِيلِ. فَلَمَّا رَجَعَ النَّاسُ «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ عَلَى ثَقِيفٍ. قَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِ ثَقِيفًا وَأْتِ بِهِمْ» . فَلَمَّا رَأَتْ ثَقِيفٌ النَّاسَ قَدْ رَحَلُوا عَنْهُمْ نَادَى سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الثَّقَفِيُّ: أَلَا إِنَّ الْحَيَّ مُقِيمٌ. فَقَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ: أَجَلْ وَاللَّهِ، مَجَدَةً كِرَامًا. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ: قَاتَلَكَ اللَّهُ يَا عُيَيْنَةُ، أَتَمْدَحُهُمْ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا جِئْتُ لِأُقَاتِلَ مَعَكُمْ ثَقِيفًا، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنْ ثَقِيفٍ جَارِيَةً، لَعَلَّهَا تَلِدُ لِي رَجُلًا، فَإِنَّ ثَقِيفًا قَوْمٌ مَنَاكِيرُ.

وَاسْتُشْهِدَ بِالطَّائِفِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ، وَأُمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، رُمِيَ بِسَهْمٍ فَمَاتَ مِنْهُ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالسَّائِبُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَدِيٍّ، وَغَيْرُهُمْ.

(وَهَذِهِ بَادِيَةُ بِنْتُ غَيْلَانَ قَالَ فِيهَا هِيتٌ الْمُخَنَّثُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الطَّائِفَ فَسَلْ رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يُنَفِّلَكَ بَادِيَةَ بِنْتَ غَيْلَانَ، فَإِنَّهَا هَيْفَاءُ شَمُوعٌ نَجْلَاءُ، إِنْ تَكَلَّمَتْ تَغَنَّتْ، وَإِنْ قَامَتْ تَثَنَّتْ، وَإِنْ مَشَتِ ارْتَجَّتْ، وَإِنْ قَعَدَتْ تَبَنَّتْ، تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ، وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، بِثَغْرٍ كَالْأُقْحُوَانِ، بَيْنَ رِجْلَيْهَا كَالْقَعْبِ الْمُكْفَأِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ عَلِمْتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>