للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاسِمِ، اجْلِسْ هَاهُنَا حَتَّى نَقْضِيَ حَاجَتَكَ، وَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَسَوَّلَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ الشَّقَاءَ الَّذِي كُتِبَ عَلَيْهِمْ، فَتَآمَرُوا بِقَتْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالُوا: أَيُّكُمْ يَأْخُذُ هَذِهِ الرَّحَا وَيَصْعَدُ، فَيُلْقِيهَا عَلَى رَأْسِهِ يَشْدَخُهُ بِهَا؟ فَقَالَ: أَشْقَاهُمْ عمرو بن جحاش: أَنَا، فَقَالَ: لَهُمْ سلام بن مشكم: لَا تَفْعَلُوا فَوَاللَّهِ لَيُخْبَرَنَّ بِمَا هَمَمْتُمْ بِهِ، وَإِنَّهُ لَنَقْضُ الْعَهْدِ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ، وَجَاءَ الْوَحْيُ عَلَى الْفَوْرِ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِمَا هَمُّوا بِهِ، فَنَهَضَ مُسْرِعًا، وَتَوَجَّهَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَحِقَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَالُوا: نَهَضْتَ وَلَمْ نَشْعُرْ بِكَ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا هَمَّتْ يَهُودُ بِهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِ اخْرُجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ، وَلَا تُسَاكِنُونِي بِهَا، وَقَدْ أَجَّلْتُكُمْ عَشْرًا، فَمَنْ وَجَدْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا، ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، فَأَقَامُوا أَيَّامًا يَتَجَهَّزُونَ، وَأَرْسَلَ إِلَيْهِمُ الْمُنَافِقُ عبد الله بن أبي: أَنْ لَا تَخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ، فَإِنَّ مَعِيَ أَلْفَيْنِ يَدْخُلُونَ مَعَكُمْ حِصْنَكُمْ، فَيَمُوتُونَ دُونَكُمْ، وَتَنْصُرُكُمْ قُرَيْظَةُ وَحُلَفَاؤُكُمْ مِنْ غَطَفَانَ، وَطَمِعَ رَئِيسُهُمْ حيي بن أخطب فِيمَا قَالَ لَهُ، وَبَعَثَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّا لَا نَخْرُجُ مِنْ دِيَارِنَا، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، وَنَهَضُوا إِلَيْهِ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَحْمِلُ اللِّوَاءَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهِمْ، قَامُوا عَلَى حُصُونِهِمْ يَرْمُونَ بِالنَّبْلِ وَالْحِجَارَةِ، وَاعْتَزَلَتْهُمْ قُرَيْظَةُ، وَخَانَهُمُ ابن أبي وَحُلَفَاؤُهُمْ مِنْ غَطَفَانَ، وَلِهَذَا شَبَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قِصَّتَهُمْ، وَجَعَلَ مَثَلَهُمْ {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} [الحشر: ١٦] [الْحَشْرِ: ١٦] ، فَإِنَّ سُورَةَ الْحَشْرِ هِيَ سُورَةُ بَنِي النَّضِيرِ، وَفِيهَا مَبْدَأُ قِصَّتِهِمْ وَنِهَايَتُهَا، فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَطَعَ نَخْلَهُمْ وَحُرِّقَ، فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ: نَحْنُ نَخْرُجُ عَنِ الْمَدِينَةِ، فَأَنْزَلَهُمْ عَلَى أَنْ يَخْرُجُوا عَنْهَا بِنُفُوسِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، وَأَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ إِلَّا السِّلَاحَ، وَقَبَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَمْوَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>