للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَ (سُورَةِ حم فُصِّلَتْ) فَقَالَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ - وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: ١٩٩ - ٢٠٠] [الْأَعْرَافِ: ١٩٩ - ٢٠٠] فَأَمَرَهُ بِاتِّقَاءِ شَرِّ الْجَاهِلِينَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُمْ، وَبِاتِّقَاءِ شَرِّ الشَّيْطَانِ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ، وَجَمَعَ لَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَالشِّيَمَ كُلَّهَا، فَإِنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ لَهُ مَعَ الرَّعِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَقٍّ عَلَيْهِمْ يَلْزَمُهُمُ الْقِيَامُ بِهِ، وَأَمْرٍ يَأْمُرُهُمْ بِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْرِيطٍ وَعُدْوَانٍ يَقَعُ مِنْهُمْ فِي حَقِّهِ، فَأُمِرَ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِمْ مَا طَوَّعَتْ بِهِ أَنْفُسُهُمْ، وَسَمَحَتْ بِهِ، وَسَهُلَ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَشُقَّ، وَهُوَ الْعَفْوُ الَّذِي لَا يَلْحَقُهُمْ بِبَذْلِهِ ضَرَرٌ وَلَا مَشَقَّةٌ، وَأُمِرَ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِالْعُرْفِ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الَّذِي تَعْرِفُهُ الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ، وَالْفِطَرُ الْمُسْتَقِيمَةُ، وَتُقِرُّ بِحُسْنِهِ وَنَفْعِهِ، وَإِذَا أَمَرَ بِهِ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَيْضًا لَا بِالْعُنْفِ وَالْغِلْظَةِ. وَأَمَرَهُ أَنْ يُقَابِلَ جَهْلَ الْجَاهِلِينَ مِنْهُمْ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ دُونَ أَنْ يُقَابِلَهُ بِمِثْلِهِ، فَبِذَلِكَ يَكْتَفِي شَرَّهُمْ.

وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ: {قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ - رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ - وَإِنَّا عَلَى أَنْ نُرِيَكَ مَا نَعِدُهُمْ لَقَادِرُونَ - ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ - وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ - وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون: ٩٣ - ٩٨] [الْمُؤْمِنُونَ: ٩٣ - ٩٨] .

وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ حم فُصِّلَتْ: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ - وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ - وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [فصلت: ٣٤ - ٣٦] [فُصِّلَتْ: ٣٤ - ٣٦] فَهَذِهِ سِيرَتُهُ مَعَ أَهْلِ الْأَرْضِ إِنْسِهِمْ، وَجِنِّهِمْ، مُؤْمِنِهِمْ، وَكَافِرِهِمْ.

[فَصْلٌ فِي سِيَاقِ مَغَازِيهِ وَبُعُوثِهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ]

[سَرِيَّةُ حَمْزَةَ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ]

فَصْلٌ فِي سِيَاقِ مَغَازِيهِ وَبُعُوثِهِ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ

وَكَانَ أَوَّلُ لِوَاءٍ عَقَدَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، عَلَى رَأْسِ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ، وَكَانَ لِوَاءً أَبْيَضَ، وَكَانَ حَامِلَهُ أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>