للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى سَارَ إِلَى خَيْبَرَ فِي الْمُحَرَّمِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّجِيعِ - وَادٍ بَيْنَ خَيْبَرَ وَغَطَفَانَ - فَتَخَوَّفَ أَنْ تَمُدَّهُمْ غَطَفَانُ، فَبَاتَ بِهِ حَتَّى أَصْبَحَ فَغَدَا إِلَيْهِمْ. انْتَهَى

وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ سباع بن عرفطة، وَقَدِمَ أَبُو هُرَيْرَةَ حِينَئِذٍ الْمَدِينَةَ فَوَافَى سباع بن عرفطة فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَسَمِعَهُ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى: كهيعص، وَفِي الثَّانِيَةِ: وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ. فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: وَيْلٌ لِأَبِي فُلَانٍ، لَهُ مِكْيَالَانِ، إِذَا اكْتَالَ اكْتَالَ بِالْوَافِي، وَإِذَا كَالَ كَالَ بِالنَّاقِصِ. فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَتَى سِبَاعًا فَزَوَّدَهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَشْرَكُوهُ وَأَصْحَابَهُ فِي سُهْمَانِهِمْ.

وَقَالَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ، فَسِرْنَا لَيْلًا، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لعامر بن الأكوع: أَلَا تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ؟ وَكَانَ عامر رَجُلًا شَاعِرًا، فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا

فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا اقْتَفَيْنَا ... وَثَبِّتِ الْأَقْدَامَ إِنْ لَاقَيْنَا

وَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا ... إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَتَيْنَا

وبالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا ... وَإِنْ أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ هَذَا السَّائِقُ؟ قَالُوا: عامر. فَقَالَ: رَحِمَهُ اللَّهُ» ) فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْلَا أَمْتَعْتَنَا بِهِ؟ قَالَ: فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا أَمْسَوْا أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُونَ؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمٍ. قَالَ: عَلَى أَيِّ لَحْمٍ؟ قَالُوا: عَلَى لَحْمِ حُمُرٍ إِنْسِيِّةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>