للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَجُلٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسِيرُوا اللَّيْلَ، وَيَكْمُنُوا النَّهَارَ، وَخَرَجَ مَعَهُمْ حسيل دَلِيلًا، فَسَارُوا اللَّيْلَ وَكَمَنُوا النَّهَارَ، حَتَّى أَتَوْا أَسْفَلَ خَيْبَرَ، حَتَّى دَنَوْا مِنَ الْقَوْمِ فَأَغَارُوا عَلَى سَرْحِهِمْ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ جَمْعَهُمْ، فَتَفَرَّقُوا، فَخَرَجَ بشير فِي أَصْحَابِهِ حَتَّى أَتَى مَحَالَّهُمْ، فَيَجِدُهَا لَيْسَ بِهَا أَحَدٌ، فَرَجَعَ بِالنَّعَمِ، فَلَمَّا كَانُوا بِسِلَاحٍ، لَقُوا عَيْنًا لعيينة، فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ لَقُوا جَمْعَ عيينة وعيينة لَا يَشْعُرُ بِهِمْ، فَنَاوَشُوهُمْ، ثُمَّ انْكَشَفَ جَمْعُ عيينة، وَتَبِعَهُمْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَصَابُوا مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ، فَقَدِمُوا بِهِمَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَا فَأَرْسَلَهُمَا.

وَقَالَ الحارث بن عوف لعيينة وَقَدْ لَقِيَهُ مُنْهَزِمًا تَعْدُو بِهِ فَرَسُهُ: قِفْ. قَالَ: لَا أَقْدِرُ خَلْفِي الطَّلَبُ. فَقَالَ لَهُ الحارث: أَمَا آنَ لَكَ أَنْ تُبْصِرَ بَعْضَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا قَدْ وَطِئَ الْبِلَادَ، وَأَنْتَ تُوضِعُ فِي غَيْرِ شَيْءٍ؟ قَالَ الحارث: فَأَقَمْتُ مِنْ حِينِ زَالَتِ الشَّمْسُ إِلَى اللَّيْلِ وَمَا أَرَى أَحَدًا، وَلَا طَلَبُوهُ، إِلَّا الرُّعْبَ الَّذِي دَخَلَهُ.

[فصل في سَرِيَّةُ ابْنِ أَبِي حَدْرَدٍ]

فَصْلٌ

وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابن أبي حدرد الأسلمي فِي سَرِيَّةٍ وَكَانَ مِنْ قِصَّتِهِ مَا ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ جُشْمِ بْنِ مُعَاوِيَةَ يُقَالُ لَهُ: قيس بن رفاعة، أَوْ رفاعة بن قيس، أَقْبَلَ فِي عَدَدٍ كَثِيرٍ حَتَّى نَزَلُوا بِالْغَابَةِ، يُرِيدُ أَنْ يَجْمَعَ قيسا عَلَى مُحَارَبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ ذَا اسْمٍ وَشَرَفٍ فِي جُشْمٍ، قَالَ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَجُلَيْنِ منَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَ: "اخْرُجُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ حَتَّى تَأْتُوا مِنْهُ بِخَبَرٍ وَعِلْمٍ " فَقَدَّمَ إِلَيْنَا شَارِفًا عَجْفَاءَ، فَحُمِلَ عَلَيْهَا أَحَدُنَا فَوَاللَّهِ مَا قَامَتْ بِهِ ضَعْفًا حَتَّى دَعَمَهَا الرِّجَالُ مِنْ خَلْفِهَا بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى اسْتَقَلَّتْ وَمَا كَادَتْ، وَقَالَ: "تَبَلَّغُوا عَلَى هَذِهِ " فَخَرَجْنَا وَمَعَنَا سِلَاحُنَا مِنَ النَّبْلِ وَالسُّيُوفِ، حَتَّى إِذَا جِئْنَا قَرِيبًا مِنَ الْحَاضِرِ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَكَمَنْتُ فِي نَاحِيَةٍ، وَأَمَرْتُ صَاحِبَيَّ، فَكَمَنَا فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنْ حَاضِرِ الْقَوْمِ، قُلْتُ لَهُمَا: إِذَا سَمِعْتُمَانِي قَدْ كَبَّرْتُ وَشَدَدْتُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>