للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَرَأَيْتِ دِينَ اللَّهِ أَضْحَى بَيِّنًا

وَالشِّرْكُ يَغْشَى وَجْهَهُ الْإِظْلَامُ

وَفَرَّ يَوْمَئِذٍ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، فَأَمَّا صفوان فَاسْتَأْمَنَ لَهُ عمير بن وهب الجمحي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّنَهُ وَأَعْطَاهُ عِمَامَتَهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا مَكَّةَ، فَلَحِقَهُ عمير وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ الْبَحْرَ فَرَدَّهُ، فَقَالَ: اجْعَلْنِي فِيهِ بِالْخِيَارِ شَهْرَيْنِ، فَقَالَ: أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ.

وَكَانَتْ أم حكيم بنت الحارث بن هشام تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ، فَأَسْلَمَتْ وَاسْتَأْمَنَتْ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّنَهُ، فَلَحِقَتْ بِهِ بِالْيَمَنِ فَأَمَّنَتْهُ فَرَدَّتْهُ، وَأَقَرَّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ وصفوان عَلَى نِكَاحِهِمَا الْأَوَّلِ.

ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تميم بن أسيد الخزاعي فَجَدَّدَ أَنْصَابَ الْحَرَمِ.

وَبَثَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَرَايَاهُ إِلَى الْأَوْثَانِ الَّتِي كَانَتْ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، فَكُسِّرَتْ كُلُّهَا، مِنْهَا: اللَّاتُ، وَالْعُزَّى، وَمَنَاةُ الثَّالِثَةُ الْأُخْرَى، وَنَادَى مُنَادِيهِ بِمَكَّةَ: " «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَدَعْ فِي بَيْتِهِ صَنَمًا إِلَّا كَسَرَهُ» ".

فَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْعُزَّى لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِيَهْدِمَهَا، فَخَرَجَ إِلَيْهَا فِي ثَلَاثِينَ فَارِسًا مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَيْهَا فَهَدَمَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: " «هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا؟ " قَالَ: لَا، قَالَ: " فَإِنَّكَ لَمْ تَهْدِمْهَا فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَاهْدِمْهَا، فَرَجَعَ خالد وَهُوَ مُتَغَيِّظٌ فَجَرَّدَ سَيْفَهُ فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ عَجُوزٌ عُرْيَانَةٌ سَوْدَاءُ نَاشِرَةُ الرَّأْسِ، فَجَعَلَ السَّادِنُ يَصِيحُ بِهَا، فَضَرَبَهَا خالد فَجَزَلَهَا بِاثْنَتَيْنِ وَرَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: " نَعَمْ، تِلْكَ الْعُزَّى وَقَدْ أَيِسَتْ أَنْ تُعْبَدَ فِي بِلَادِكُمْ أَبَدًا» "، وَكَانَتْ بِنَخْلَةَ وَكَانَتْ لِقُرَيْشٍ وَجَمِيعِ بَنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>