للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ وَهِيَ رِوَايَاتٌ عَنْ أحمد.

أَحَدُهَا: جَوَازُ ذَلِكَ مُتَفَاضِلًا، وَمُتَسَاوِيًا نَسِيئَةً وَيَدًا بِيَدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ أبي حنيفة وَالشَّافِعِيِّ.

وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ نَسِيئَةً وَلَا مُتَفَاضِلًا.

وَالثَّالِثُ: يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ النَّسَاءِ وَالتَّفَاضُلِ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ مَعَ أَحَدِهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -

وَالرَّابِعُ: إِنِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ جَازَ التَّفَاضُلُ وَحَرُمَ النَّسَاءُ، وَإِنِ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ.

وَلِلنَّاسِ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَالتَّأْلِيفِ بَيْنَهَا ثَلَاثَةُ مَسَالِكَ:

أَحَدُهَا: تَضْعِيفُ حَدِيثِ الحسن عَنْ سمرة، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ سِوَى حَدِيثَيْنِ، لَيْسَ هَذَا مِنْهُمَا، وَتَضْعِيفُ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ.

وَالْمَسْلَكُ الثَّانِي: دَعْوَى النَّسْخِ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنِ الْمُتَأَخِّرُ مِنْهَا مِنَ الْمُتَقَدِّمِ، وَلِذَلِكَ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ.

وَالْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: حَمْلُهَا عَلَى أَحْوَالٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَهُوَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً، إِنَّمَا كَانَ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ إِلَى النَّسِيئَةِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ، فَإِنَّ الْبَائِعَ إِذَا رَأَى مَا فِي هَذَا الْبَيْعِ مِنَ الرِّبْحِ لَمْ تَقْتَصِرْ نَفْسُهُ عَلَيْهِ، بَلْ تَجُرُّهُ إِلَى بَيْعِ الرِّبَوِيِّ كَذَلِكَ، فَسَدَّ عَلَيْهِمُ الذَّرِيعَةَ وَأَبَاحَهُ يَدًا بِيَدٍ، وَمَنَعَ مِنَ النَّسَاءِ فِيهِ، وَمَا حُرِّمَ لِلذَّرِيعَةِ يُبَاحُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، كَمَا أَبَاحَ مِنَ الْمُزَابَنَةِ الْعَرَايَا لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، وَأَبَاحَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً مُتَفَاضِلًا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّمَا وَقَعَ فِي الْجِهَادِ، وَحَاجَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>