للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " صَدَقَ فَأَعْطِهِ إِيَّاهُ "، فَأَعْطَانِي، فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ، فَإِنَّهُ لَأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلَامِ» ) .

وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: هَذَا أَحَدُهَا، وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ أحمد.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ، كَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أحمد.

وَالثَّالِثُ - وَهُوَ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أحمد - أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى قَتْلٍ فَلَا تُقْبَلُ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ.

وَفِي الْقِصَّةِ دَلِيلٌ عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ التَّلَفُّظُ بِلَفْظِ " أَشْهَدُ " وَهَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَاتِ عَنْ أحمد فِي الدَّلِيلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ أَصْحَابِهِ الِاشْتِرَاطَ، وَهِيَ مَذْهَبُ مالك. قَالَ شَيْخُنَا: وَلَا يُعْرَفُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ اشْتِرَاطُ لَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عمر «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ» .

وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَلَفَّظُوا لَهُ بِلَفْظِ أَشْهَدُ، إِنَّمَا كَانَ مُجَرَّدَ إِخْبَارٍ.

وَفِي حَدِيثِ ماعز، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ رَجَمَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ مِنْهُ مُجَرَّدُ إِخْبَارٍ عَنْ نَفْسِهِ، وَهُوَ إِقْرَارٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ} [الأنعام: ١٩] [الْأَنْعَامِ: ١٩] ، وَقَوْلُهُ {قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: ١٣٠] [الْأَنْعَامِ: ١٣٠] .

وَقَوْلُهُ {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ١٦٦] [النِّسَاءِ: ١٦٦] .

وَقَوْلُهُ {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران: ٨١] [آلِ عِمْرَانَ: ٨١] ، وَقَوْلُهُ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: ١٨] [آلِ عِمْرَانَ: ١٨] ، إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>