للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُتَنَازَعِ فِيهَا إِلَى الْمَيِّتِ إِلَّا إِيثَارٌ بِثَوَابِهَا، وَهُوَ عَيْنُ الْإِيثَارِ بِالْقُرَبِ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يُؤْثِرَهُ بِفِعْلِهَا لِيُحْرِزَ ثَوَابَهَا، وَبَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ ثُمَّ يُؤْثِرَهُ بِثَوَابِهَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

[فصل في أنه لَا يَجُوزُ إِبْقَاءُ مَوَاضِعِ الشِّرْكِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى هَدْمِهَا]

فَصْلٌ

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِبْقَاءُ مَوَاضِعِ الشِّرْكِ وَالطَّوَاغِيتِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى هَدْمِهَا وَإِبْطَالِهَا يَوْمًا وَاحِدًا، فَإِنَّهَا شَعَائِرُ الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ، وَهِيَ أَعْظَمُ الْمُنْكَرَاتِ، فَلَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ عَلَيْهَا مَعَ الْقُدْرَةِ الْبَتَّةَ، وَهَذَا حُكْمُ الْمَشَاهِدِ الَّتِي بُنِيَتْ عَلَى الْقُبُورِ الَّتِي اتُّخِذَتْ أَوْثَانًا وَطَوَاغِيتَ تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، وَالْأَحْجَارُ الَّتِي تُقْصَدُ لِلتَّعْظِيمِ وَالتَّبَرُّكِ وَالنَّذْرِ وَالتَّقْبِيلِ لَا يَجُوزُ إِبْقَاءُ شَيْءٍ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِزَالَتِهِ، وَكَثِيرٌ مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ اللَّاتِ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةِ الْأُخْرَى، أَوْ أَعْظَمُ شِرْكًا عِنْدَهَا، وَبِهَا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَرْبَابِ هَذِهِ الطَّوَاغِيتِ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا تَخْلُقُ وَتَرْزُقُ وَتُمِيتُ وَتُحْيِي، وَإِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ عِنْدَهَا وَبِهَا مَا يَفْعَلُهُ إِخْوَانُهُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ الْيَوْمَ عِنْدَ طَوَاغِيتِهِمْ، فَاتَّبَعَ هَؤُلَاءِ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ، وَسَلَكُوا سَبِيلَهُمْ حَذْوَ الْقُذَّةِ بِالْقُذَّةِ، وَأَخَذُوا مَأْخَذَهُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، وَغَلَبَ الشِّرْكُ عَلَى أَكْثَرِ النُّفُوسِ لِظُهُورِ الْجَهْلِ وَخَفَاءِ الْعِلْمِ، فَصَارَ الْمَعْرُوفُ مُنْكَرًا، وَالْمُنْكَرُ مَعْرُوفًا، وَالسُّنَّةُ بِدْعَةً وَالْبِدْعَةُ سُنَّةً، وَنَشَأَ فِي ذَلِكَ الصَّغِيرُ، وَهَرِمَ عَلَيْهِ الْكَبِيرُ، وَطُمِسَتِ الْأَعْلَامُ وَاشْتَدَّتْ غَرْبَةُ الْإِسْلَامِ، وَقَلَّ الْعُلَمَاءُ وَغَلَبَ السَّفَهَاءُ، وَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ وَاشْتَدَّ الْبَأْسُ، وَظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ، وَلَكِنْ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعِصَابَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ بِالْحَقِّ قَائِمِينَ، وَلِأَهْلِ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ مُجَاهِدِينَ، إِلَى أَنْ يَرِثَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَهُوَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ.

[فصل في جَوَازُ صَرْفِ الْأَمْوَالِ الَّتِي فِي مَوَاضِعِ الشِّرْكِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ]

فَصْلٌ

وَمِنْهَا: جَوَازُ صَرْفِ الْإِمَامِ الْأَمْوَالَ الَّتِي تَصِيرُ إِلَى هَذِهِ الْمَشَاهِدِ وَالطَّوَاغِيتِ فِي الْجِهَادِ وَمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، فَيَجُوزُ لِلْإِمَامِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ أَمْوَالَ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>