للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، فَأَمَّرَهُ عَلَى مَنْ تَعَجَّلَ، وَكَانَتْ فِيهِ دُعَابَةٌ، فَنَزَلُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَأَوْقَدُوا نَارًا يَصْطَلُونَ عَلَيْهَا فَقَالَ: عَزَمْتُ عَلَيْكُمْ إِلَّا تَوَاثَبْتُمْ فِي هَذِهِ النَّارِ، فَقَامَ بَعْضُ الْقَوْمِ فَتَجَهَّزُوا حَتَّى ظَنَّ أَنَّهُمْ وَاثِبُونَ فِيهَا، فَقَالَ: اجْلِسُوا إِنَّمَا كُنْتُ أَضْحَكُ مَعَكُمْ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( «مَنْ أَمَرَكُمْ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا تُطِيعُوهُ» )

قُلْتُ: فِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْمَعُوا لَهُ وَيُطِيعُوا، فَأَغْضَبُوهُ فَقَالَ: اجْمَعُوا لِي حَطَبًا، فَجَمَعُوا، فَقَالَ: أَوْقِدُوا نَارًا، ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْمُرْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَسْمَعُوا لِي؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَادْخُلُوهَا، فَنَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ وَقَالُوا: إِنَّمَا فَرَرْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ النَّارِ، فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ وَطَفِئَتِ النَّارُ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ( «لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا أَبَدًا» ) وَقَالَ: ( «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ» ) فَهَذَا فِيهِ أَنَّ الْأَمِيرَ كَانَ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي أَمَّرَهُ، وَأَنَّ الْغَضَبَ حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أحمد فِي " مُسْنَدِهِ " عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] [النِّسَاءِ: ٩٩] قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ، فَإِمَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>