للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ النَّاسِ وَجِدْبٍ مِنَ الْبِلَادِ، وَحِينَ طَابَتِ الثِّمَارُ وَالنَّاسُ يُحِبُّونَ الْمُقَامَ فِي ثِمَارِهِمْ وَظِلَالِهِمْ، وَيَكْرَهُونَ شُخُوصَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّمَا يَخْرُجُ فِي غَزْوَةٍ إِلَّا كَنَّى عَنْهَا وَوَرَّى بِغَيْرِهَا، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ لِبُعْدِ الشُّقَّةِ وَشِدَّةِ الزَّمَانِ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ فِي جِهَازِهِ للجد بن قيس - أَحَدِ بَنِي سَلَمَةَ -: ( «يَا جد هَلْ لَكَ الْعَامَ فِي جِلَادِ بَنِي الْأَصْفَرِ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَتَأْذَنُ لِي وَلَا تَفْتِنِّي؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفَ قَوْمِي أَنَّهُ مَا مِنْ رَجُلٍ بِأَشَدَّ عَجَبًا بِالنِّسَاءِ مِنِّي، وَإِنِّي أَخْشَى إِنْ رَأَيْتُ نِسَاءَ بَنِي الْأَصْفَرِ أَنْ لَا أَصْبِرَ. فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: قَدْ أَذِنْتُ لَكَ، فَفِيهِ نَزَلَتِ الْآيَةُ {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: ٤٩] » [التَّوْبَةِ: ٤٩]

وَقَالَ قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ} [التوبة: ٨١] الْآيَةَ [التَّوْبَةِ: ٨١]

ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّ فِي سَفَرِهِ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالْجِهَازِ، وَحَضَّ أَهْلَ الْغِنَى عَلَى النَّفَقَةِ وَالْحِمْلَانِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَحَمَلَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى وَاحْتَسَبُوا، وَأَنْفَقَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِي ذَلِكَ نَفَقَةً عَظِيمَةً لَمْ يُنْفِقْ أَحَدٌ مِثْلَهَا.

قُلْتُ: كَانَتْ ثَلَاثَمِائَةِ بَعِيرٍ بِأَحْلَاسِهَا وَأَقْتَابِهَا وَعُدَّتِهَا، وَأَلْفَ دِينَارٍ عَيْنًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>