للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ فَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَكْشِفْ عَنْ شَيْءٍ عَنْهُ بَعْدُ، وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: إِذَا جَحَدَ الرِّدَّةَ كَفَاهُ جَحْدُهَا، وَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ تَوْبَةَ الزِّنْدِيقِ قَالَ: هَؤُلَاءِ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِعِلْمِهِ، وَالَّذِي بَلَّغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُمْ قَوْلَهُمْ لَمْ يُبَلِّغْهُمْ إِيَّاهُ نِصَابُ الْبَيِّنَةِ، بَلْ شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِمْ وَاحِدٌ فَقَطْ، كَمَا شَهِدَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ وَحْدَهُ عَلَى عبد الله بن أبي، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ أَيْضًا إِنَّمَا شَهِدَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ

وَفِي هَذَا الْجَوَابِ نَظَرٌ، فَإِنَّ نِفَاقَ عبد الله بن أبي وَأَقْوَالَهُ فِي النِّفَاقِ كَانَتْ كَثِيرَةً جِدًّا كَالْمُتَوَاتِرَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ، وَبَعْضُهُمْ أَقَرَّ بِلِسَانِهِ وَقَالَ: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَقَدْ وَاجَهَهُ بَعْضُ الْخَوَارِجِ فِي وَجْهِهِ بِقَوْلِهِ: إِنَّكَ لَمْ تَعْدِلْ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قِيلَ لَهُ: أَلَا تَقْتُلُهُمْ؟ لَمْ يَقُلْ: مَا قَامَتْ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ، بَلْ قَالَ: لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ

فَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ إِذَنْ، أَنَّهُ كَانَ فِي تَرْكِ قَتْلِهِمْ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَصْلَحَةٌ تَتَضَمَّنُ تَأْلِيفَ الْقُلُوبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَمْعَ كَلِمَةِ النَّاسِ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي قَتْلِهِمْ تَنْفِيرٌ، وَالْإِسْلَامُ بَعْدُ فِي غُرْبَةٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَصُ شَيْءٍ عَلَى تَأْلِيفِ النَّاسِ، وَأَتْرَكُ شَيْءٍ لِمَا يُنَفِّرُهُمْ عَنِ الدُّخُولِ فِي طَاعَتِهِ، وَهَذَا أَمْرٌ كَانَ يَخْتَصُّ بِحَالِ حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ تَرْكُ قَتْلِ مَنْ طَعَنَ عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ فِي قِصَّةِ الزبير وَخَصْمِهِ: أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ

وَفِي قَسْمِهِ بِقَوْلِهِ: إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ، وَقَوْلُ الْآخَرِ لَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>