للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُوِّينَا عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ لَمَّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدُ بَنِي عَامِرٍ فِيهِمْ عامر بن الطفيل، وأربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر، وجبار بن سلمى بن مالك بن جعفر، وَكَانَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ رُؤَسَاءَ الْقَوْمِ وَشَيَاطِينَهُمْ: ( «فَقَدِمَ عَدُوُّ اللَّهِ عامر بن الطفيل عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُرِيدُ الْغَدْرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ قَوْمُهُ: يَا عامر! إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ آلَيْتُ أَلَّا أَنْتَهِيَ حَتَّى تَتَبِّعَ الْعَرَبُ عَقِبِي، وَأَنَا أَتَّبِعُ عَقِبَ هَذَا الْفَتَى مِنْ قُرَيْشٍ! ثُمَّ قَالَ لأربد: إِذَا قَدِمْنَا عَلَى الرَّجُلِ، فَإِنِّي شَاغِلٌ عَنْكَ وَجْهَهُ، فَإِذَا فَعَلْتُ ذَلِكَ، فَاعْلُهُ بِالسَّيْفِ.

فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عامر: يَا مُحَمَّدُ! خَالِنِي. قَالَ: " لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ ". قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! خَالِنِي. قَالَ: " حَتَّى تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ "، فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: أَمَا وَاللَّهِ لَأَمْلَأَنَّهَا عَلَيْكَ خَيْلًا وَرِجَالًا. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ اكْفِنِي عامر بن الطفيل "، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ عامر لأربد: وَيْحَكَ يَا أربد، أَيْنَ مَا كُنْتُ أَمَرْتُكَ بِهِ؟ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَخْوَفُ عِنْدِي عَلَى نَفْسِي مِنْكَ، وَايْمُ اللَّهِ لَا أَخَافُكَ بَعْدَ الْيَوْمِ أَبَدًا. قَالَ: لَا أَبَا لَكَ، لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ، فَوَاللَّهِ مَا هَمَمْتُ بِالَّذِي أَمَرْتَنِي بِهِ، إِلَّا دَخَلْتَ بَيْنِي وَبَيْنَ الرَّجُلِ، أَفَأَضْرِبُكَ بِالسَّيْفِ؟» ) .

ثُمَّ خَرَجُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ بَعَثَ اللَّهُ عَلَى عامر بن الطفيل الطَّاعُونَ فِي عُنُقِهِ، فَقَتَلَهُ اللَّهُ فِي بَيْتِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَلُولَ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>