للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السِّوَارَ بِالْمَرْأَةِ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهَا بِالْمَرَضِ لِصُفْرَةِ السِّوَارِ، وَأَنَّهُ مَرَضُ الِاسْتِسْقَاءِ الَّذِي يَنْتَفِخُ مَعَهُ الْبَطْنُ.

قَالَ: وَقَالَ لِي آخَرُ: رَأَيْتُ فِي يَدِي خَلْخَالًا وَقَدْ أَمْسَكَهُ آخَرُ، وَأَنَا مُمْسِكٌ لَهُ، وَأَصِيحُ عَلَيْهِ وَأَقُولُ: اتْرُكْ خَلْخَالِي، فَتَرَكَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: فَكَانَ الْخَلْخَالُ فِي يَدِكَ أَمْلَسَ؟ فَقَالَ: بَلْ كَانَ خَشِنًا تَأَلَّمْتُ مِنْهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَفِيهِ شَرَارِيفُ، فَقُلْتُهُ لَهُ: أُمُّكَ وَخَالُكَ شَرِيفَانِ، وَلَسْتَ بِشَرِيفٍ، وَاسْمُكَ عَبْدُ الْقَاهِرِ، وَخَالُكَ لِسَانُهُ نَجِسٌ رَدِيءٌ يَتَكَلَّمُ فِي عِرْضِكَ، وَيَأْخُذُ مِمَّا فِي يَدِكَ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: ثُمَّ إِنَّهُ يَقَعُ فِي يَدِ ظَالِمٍ مُتَعَدٍّ، وَيَحْتَمِي بِكَ، فَتَشُدُّ مِنْهُ، وَتَقُولُ خَلِّ خَالِي، فَجَرَى ذَلِكَ عَنْ قَلِيلٍ.

قُلْتُ: تَأَمَّلْ أَخْذَهُ الْخَالَ مِنْ لَفْظِ " الْخَلْخَالِ "، ثُمَّ عَادَ إِلَى اللَّفْظِ بِتَمَامِهِ حَتَّى أَخَذَ مِنْهُ، خَلِّ خَالِي، وَأَخَذَ شَرَفَهُ مِنْ شَرَارِيفِ الْخَلْخَالِ، وَدَلَّ عَلَى شَرَفِ أُمِّهِ، إِذْ هِيَ شَقِيقَةُ خَالِهِ، وَحَكَمَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرِيفٍ، إِذْ شُرُفَاتُ الْخَالِ الدَّالَّةُ عَلَى الشَّرَفِ اشْتِقَاقًا هِيَ فِي أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِهِ. وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِسَانَ خَالِهِ لِسَانٌ رَدِيءٌ يَتَكَلَّمُ فِي عِرْضِهِ بِالْأَلَمِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ بِخُشُونَةِ الْخَلْخَالِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، فَهِيَ خُشُونَةُ لِسَانِ خَالِهِ فِي حَقِّهِ.

وَاسْتَدَلَّ عَلَى أَخْذِ خَالِهِ مَا فِي يَدَيْهِ بِتَأَذِّيهِ بِهِ، وَبِأَخْذِهِ مِنْ يَدَيْهِ فِي النَّوْمِ بِخُشُونَتِهِ. وَاسْتَدَلَّ بِإِمْسَاكِ الْأَجْنَبِيِّ لِلْخَلْخَالِ، وَمُجَاذَبَةِ الرَّائِي عَلَى وُقُوعِ الْخَالِ فِي يَدِ ظَالِمٍ مُتَعَدٍّ يَطْلُبُ مِنْهُ مَا لَيْسَ لَهُ. وَاسْتَدَلَّ بِصِيَاحِهِ عَلَى الْمُجَاذِبِ لَهُ، وَقَوْلِهِ: خَلِّ خَالِي عَلَى أَنَّهُ يُعِينُ خَالَهُ عَلَى ظَالِمِهِ وَبِشَدٍّ مِنْهُ.

وَاسْتَدَلَّ عَلَى قَهْرِهِ لِذَلِكَ الْمُجَاذِبِ لَهُ، وَأَنَّهُ الْقَاهِرُ يَدَهُ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُهُ عَبْدُ الْقَاهِرِ، وَهَذِهِ كَانَتْ حَالَ شَيْخِنَا هَذَا، وَرُسُوخَهُ فِي عِلْمِ التَّعْبِيرِ، وَسَمِعْتُ عَلَيْهِ عِدَّةَ أَجْزَاءٍ، وَلَمْ يَتَّفِقْ لِي قِرَاءَةُ هَذَا الْعِلْمِ عَلَيْهِ لِصِغَرِ السِّنِّ وَاخْتِرَامِ الْمَنِيَّةِ لَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ طَيِّئٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ]

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفْدُ طَيِّئٍ، وَفِيهِمْ زيد الخيل،

<<  <  ج: ص:  >  >>