للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْكَ تَعْدُو قَلِقًا وَضِينُهَا ... مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا

مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا

حَتَّى أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَزَلْ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى اسْتُشْهِدَ أبو علقمة بَعْدَ ذَلِكَ.

وَدَخَلَ الْوَفْدُ نَجْرَانَ، فَأَتَى الرَّاهِبُ ابن أبي شمر الزبيدي، وَهُوَ فِي رَأْسِ صَوْمَعَةٍ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ نَبِيًّا قَدْ بُعِثَ بِتِهَامَةَ، وَإِنَّهُ كَتَبَ إِلَى الْأُسْقُفِ، فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْوَادِي أَنْ يُسَيِّرُوا إِلَيْهِ شرحبيل بن وداعة، وعبد الله بن شرحبيل، وجبار بن فيض، فَيَأْتُونَهُمْ بِخَبَرِهِ، فَسَارُوا حَتَّى أَتَوْهُ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ، فَكَرِهُوا مُلَاعَنَتَهُ، وَحَكَّمَهُ شرحبيل فَحَكَمَ عَلَيْهِمْ حُكْمًا، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا، ثُمَّ أَقْبَلَ الْوَفْدُ بِالْكِتَابِ حَتَّى دَفَعُوهُ إِلَى الْأُسْقُفِ، فَبَيْنَا الْأُسْقُفُ يَقْرَؤُهُ وَبِشْرٌ مَعَهُ حَتَّى كَبَتْ بِبِشْرٍ نَاقَتُهُ فَتَعَّسَهُ، فَشَهِدَ الْأُسْقُفُ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَانْصَرَفَ أبو علقمة نَحْوَهُ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ، فَقَالَ الرَّاهِبُ: أَنْزِلُونِي وَإِلَّا رَمَيْتُ بِنَفْسِي مِنْ هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ، فَأَنْزَلُوهُ، فَانْطَلَقَ الرَّاهِبُ بِهَدِيَّةٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهَا هَذَا الْبُرْدُ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْخُلَفَاءُ وَالْقَعْبُ وَالْعَصَا، وَأَقَامَ الرَّاهِبُ بَعْدَ ذَلِكَ يَسْمَعُ كَيْفَ يَنْزِلُ الْوَحْيُ وَالسُّنَنُ وَالْفَرَائِضُ وَالْحُدُودُ، وَأَبَى اللَّهُ لِلرَّاهِبِ الْإِسْلَامَ فَلَمْ يُسْلِمْ، وَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرَّجْعَةِ إِلَى قَوْمِهِ، وَقَالَ: إِنَّ لِي حَاجَةً وَمَعَادًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَلَمْ يَعُدْ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَإِنَّ الْأُسْقُفَ أبا الحارث أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ وَوُجُوهُ قَوْمِهِ، وَأَقَامُوا عِنْدَهُ يَسْتَمِعُونَ مَا يُنْزِلُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ لِلْأُسْقُفِ هَذَا الْكِتَابَ، وَلِلْأَسَاقِفَةِ بِنَجْرَانَ بَعْدَهُ: ( «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ إِلَى الْأُسْقُفِ أبي الحارث وَأَسَاقِفَةِ نَجْرَانَ وَكَهَنَتِهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ، وَأَهْلِ بِيَعِهِمْ وَرَقِيقِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ وَسُوقَتِهِمْ، وَعَلَى كُلِّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ، جِوَارُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، لَا يُغَيَّرُ أُسْقُفٌ مِنْ أُسْقُفَتِهِ وَلَا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ، وَلَا كَاهِنٌ مِنْ كَهَانَتِهِ، وَلَا يُغَيَّرُ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَلَا سُلْطَانِهِمْ، وَلَا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ جِوَارُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَبَدًا مَا نَصَحُوا وَأَصْلَحُوا عَلَيْهِمْ، غَيْرَ مُنْقَلِبِينَ بِظَالِمٍ، وَلَا ظَالِمِينَ» ) .

وَكَتَبَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَلَمَّا قَبَضَ الْأُسْقُفُ الْكِتَابَ، اسْتَأْذَنَ فِي الِانْصِرَافِ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>