للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَالِبٍ. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ للحارث: ( «أَيْنَ تَرَكْتَ أَهْلَكَ؟ قَالَ بِسَلَاحَ وَمَا وَالَاهَا. قَالَ وَكَيْفَ الْبِلَادُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّا لَمُسْنِتُونَ مَا فِي الْمَالِ مُخٌّ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اللَّهُمَّ اسْقِهِمُ الْغَيْثَ» " فَأَقَامُوا أَيَّامًا ثُمَّ أَرَادُوا الِانْصِرَافَ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَجَاءُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوَدِّعِينَ لَهُ، فَأَمَرَ بلالا أَنْ يُجِيزَهُمْ، فَأَجَازَهُمْ بِعَشْرِ أَوَاقٍ فِضَّةً، وَفَضَلَ الحارث بن عوف أَعْطَاهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَرَجَعُوا إِلَى بِلَادِهِمْ فَوَجَدُوا الْبِلَادَ مَطِيرَةً، فَسَأَلُوا: مَتَى مُطِرْتُمْ؟ فَإِذَا هُوَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ، وَأَخْصَبَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِلَادُهُمْ) .

[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ خَوْلَانَ]

(وَقَدِمَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ شَعْبَانَ سَنَةَ عَشْرٍ وَفْدُ خَوْلَانَ، وَهُمْ عَشَرَةٌ فَقَالُوا: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحْنُ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا، وَنَحْنُ مُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَمُصَدِّقُونَ بِرَسُولِهِ، وَقَدْ ضَرَبْنَا إِلَيْكَ آبَاطَ الْإِبِلِ، وَرَكِبْنَا حُزُونَ الْأَرْضِ وَسُهُولَهَا، وَالْمِنَّةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ عَلَيْنَا، وَقَدِمْنَا زَائِرِينَ لَكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا مَا ذَكَرْتُمْ مِنْ مَسِيرِكُمْ إِلَيَّ فَإِنَّ لَكُمْ بِكُلِّ خَطْوَةٍ خَطَاهَا بَعِيرُ أَحَدِكُمْ حَسَنَةً، وَأَمَّا قَوْلُكُمْ زَائِرِينَ لَكَ، فَإِنَّهُ مَنْ زَارَنِي بِالْمَدِينَةِ كَانَ فِي جِوَارِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا السَّفَرُ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا فَعَلَ عَمُّ أَنَسٍ ". - وَهُوَ صَنَمُ خَوْلَانَ الَّذِي كَانُوا يَعْبُدُونَهُ - قَالُوا: أَبْشِرْ، بَدَّلَنَا اللَّهُ بِهِ مَا جِئْتَ بِهِ، وَقَدْ بَقِيَتْ مِنَّا بَقَايَا - مِنْ شَيْخٍ كَبِيرٍ وَعَجُوزٍ كَبِيرَةٍ - مُتَمَسِّكُونَ بِهِ، وَلَوْ قَدِمْنَا عَلَيْهِ لَهَدَمْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدْ كُنَّا مِنْهُ فِي غُرُورٍ وَفِتْنَةٍ.

فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَمَا أَعْظَمُ مَا رَأَيْتُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ؟ " قَالُوا: لَقَدْ رَأَيْتُنَا أَسْنَتْنَا حَتَّى أَكَلْنَا الرِّمَّةَ، فَجَمَعْنَا مَا قَدَرْنَا عَلَيْهِ، وَابْتَعْنَا بِهِ مِائَةَ ثَوْرٍ وَنَحَرْنَاهَا " لِعَمِّ أَنَسٍ " قُرْبَانًا فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ، وَتَرَكْنَاهَا تَرِدُهَا السِّبَاعُ، وَنَحْنُ أَحْوَجُ إِلَيْهَا مِنَ السِّبَاعِ، فَجَاءَنَا الْغَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>