للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ سَاعَتِنَا، وَلَقَدْ رَأَيْنَا الْعُشْبَ يُوَارِي الرِّجَالَ، وَيَقُولُ قَائِلُنَا: أَنْعَمَ عَلَيْنَا " عَمُّ أَنَسٍ "، وَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانُوا يَقْسِمُونَ لِصَنَمِهِمْ هَذَا مِنْ أَنْعَامِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَ مِنْ ذَلِكَ جُزْءًا لَهُ وَجُزْءًا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ، قَالُوا: كُنَّا نَزْرَعُ الزَّرْعَ فَنَجْعَلُ لَهُ وَسَطَهُ، فَنُسَمِّيهِ لَهُ، وَنُسَمِّي زَرْعًا آخَرَ حُجْرَةً لِلَّهِ، فَإِذَا مَالَتِ الرِّيحُ فَالَّذِي سَمَّيْنَاهُ لِلَّهِ جَعَلْنَاهُ لِعَمِّ أَنَسٍ، وَإِذَا مَالَتِ الرِّيحُ فَالَّذِي جَعَلْنَاهُ لِعَمِّ أَنَسٍ، لَمْ نَجْعَلْهُ لِلَّهِ، فَذَكَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا} [الأنعام: ١٣٦] [الْأَنْعَامِ ١٣٦] قَالُوا: وَكُنَّا نَتَحَاكَمُ إِلَيْهِ فَيَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " تِلْكَ الشَّيَاطِينُ تُكَلِّمُكُمْ " وَسَأَلُوهُ عَنْ فَرَائِضِ الدِّينِ، فَأَخْبَرَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ لِمَنْ جَاوَرُوا، وَأَنْ لَا يَظْلِمُوا أَحَدًا. قَالَ: " فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ثُمَّ وَدَّعُوهُ بَعْدَ أَيَّامٍ وَأَجَازَهُمْ فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، فَلَمْ يَحُلُّوا عُقْدَةً حَتَّى هَدَمُوا " عَمَّ أَنَسٍ» ) .

[فَصْلٌ فِي قُدُومِ وَفْدِ مُحَارِبٍ]

( «وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدُ مُحَارِبٍ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ، وَهُمْ كَانُوا أَغْلَظَ الْعَرَبِ وَأَفَظَّهُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْمَوَاسِمِ أَيَّامَ عَرْضِهِ نَفْسَهُ عَلَى الْقَبَائِلِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ، فَجَاءَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ نَائِبِينَ عَمَّنْ وَرَاءَهُمْ مِنْ قَوْمِهِمْ فَأَسْلَمُوا، وَكَانَ بلال يَأْتِيهِمْ بِغَدَاءٍ وَعَشَاءٍ إِلَى أَنْ جَلَسُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا مِنَ الظُّهْرِ إِلَى الْعَصْرِ، فَعَرَفَ رَجُلًا مِنْهُمْ، فَأَمَدَّهُ النَّظَرَ، فَلَمَّا رَآهُ المحاربي يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَيْهِ قَالَ: كَأَنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُوهِمُنِي؟ قَالَ: " لَقَدْ رَأَيْتُكَ قَالَ المحاربي: أَيْ وَاللَّهِ، لَقَدْ رَأَيْتَنِي وَكَلَّمْتَنِي، وَكَلَّمْتُكَ بِأَقْبَحِ الْكَلَامِ، وَرَدَدْتُكَ بِأَقْبَحِ الرَّدِّ بِعُكَاظَ، وَأَنْتَ تَطُوفُ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نَعَمْ "، ثُمَّ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>