للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيْنَ الْحِكْمَةِ وَالشَّرْعِ، وَعَدَمُ مُنَاقَضَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى الصَّوَابِ، وَيَفْتَحُ لِمَنْ أَدَامَ قَرْعَ بَابِ التَّوْفِيقِ مِنْهُ كُلَّ بَابٍ، وَلَهُ النِّعْمَةُ السَّابِغَةُ، وَالْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ.

[فَصْلٌ لِلِاحْتِرَازِ مِنَ الْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ سَتْرُ مَحَاسِنِ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْنُ]

فَصْلٌ

وَمِنْ عِلَاجِ ذَلِكَ أَيْضًا وَالِاحْتِرَازِ مِنْهُ سَتْرُ مَحَاسِنِ مَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ الْعَيْنُ بِمَا يَرُدُّهَا عَنْهُ، كَمَا ذَكَرَ البغوي فِي كِتَابِ " شَرْحِ السُّنَّةِ ": أَنَّ عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى صَبِيًّا مَلِيحًا فَقَالَ: ( «دَسِّمُوا نُونَتَهُ؛ لِئَلَّا تُصِيبَهُ الْعَيْنُ» ) ثُمَّ قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ وَمَعْنَى: دَسِّمُوا نُونَتَهُ أَيْ: سَوِّدُوا نُونَتَهُ، وَالنُّونَةُ: النُّقْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي ذَقَنِ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ.

وَقَالَ الخطابي فِي " غَرِيبِ الْحَدِيثِ " لَهُ عَنْ عثمان: إِنَّهُ رَأَى صَبِيًّا تَأْخُذُهُ الْعَيْنُ فَقَالَ: ( «دَسِّمُوا نُونَتَهُ» ) فَقَالَ أبو عمرو: سَأَلْتُ أَحْمَدَ بْنَ يَحْيَى عَنْهُ فَقَالَ: أَرَادَ بِالنُّونَةِ النُّقْرَةَ الَّتِي فِي ذَقَنِهِ. وَالتَّدْسِيمُ: التَّسْوِيدُ. أَرَادَ: سَوِّدُوا ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ ذَقَنِهِ لِيَرُدَّ الْعَيْنَ. قَالَ: وَمِنْ هَذَا حَدِيثُ عائشة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «خَطَبَ ذَاتَ يَوْمٍ وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ دَسْمَاءُ» ) أَيْ: سَوْدَاءُ. أَرَادَ الِاسْتِشْهَادَ عَلَى اللَّفْظَةِ وَمِنْ هَذَا أَخَذَ الشَّاعِرُ قَوْلَهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>