للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: إِنَّمَا الْمَذْمُومُ مِنْهُ الْمُسِنُّ، وَلَا سِيَّمَا لِلْمُسِنِّينَ، وَلَا رَدَاءَةَ فِيهِ لِمَنِ اعْتَادَهُ. وجالينوس جَعَلَ الْحَوْلِيَّ مِنْهُ مِنَ الْأَغْذِيَةِ الْمُعْتَدِلَةِ الْمُعَدِّلَةِ لِلْكَيْمُوسِ الْمَحْمُودِ، وَإِنَاثُهُ أَنْفَعُ مِنْ ذُكُورِهِ.

وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ فِي " سُنَنِهِ " عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «أَحْسِنُوا إِلَى الْمَاعِزِ، وَأَمِيطُوا عَنْهَا الْأَذَى، فَإِنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ» ) . وَفِي ثُبُوتِ هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ. وَحُكْمُ الْأَطِبَّاءِ عَلَيْهِ بِالْمَضَرَّةِ حُكْمٌ جُزْئِيٌّ لَيْسَ بِكُلِّيٍّ عَامٍّ، وَهُوَ بِحَسَبِ الْمَعِدَةِ الضَّعِيفَةِ، وَالْأَمْزِجَةِ الضَّعِيفَةِ الَّتِي لَمْ تَعْتَدْهُ وَاعْتَادَتِ الْمَأْكُولَاتِ اللَّطِيفَةَ، وَهَؤُلَاءِ أَهْلُ الرَّفَاهِيَةِ مِنْ أَهْلِ الْمُدُنِ وَهُمُ الْقَلِيلُونَ مِنَ النَّاسِ.

[لَحْمُ الْجَدْيِ ولَحْمُ الْبَقَرِ]

لَحْمُ الْجَدْيِ: قَرِيبٌ إِلَى الِاعْتِدَالِ، خَاصَّةً مَا دَامَ رَضِيعًا، وَلَمْ يَكُنْ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ، وَهُوَ أَسْرَعُ هَضْمًا لِمَا فِيهِ مِنْ قُوَّةِ اللَّبَنِ، مُلَيِّنٌ لِلطَّبْعِ، مُوَافِقٌ لِأَكْثَرِ النَّاسِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ، وَهُوَ أَلْطَفُ مِنْ لَحْمِ الْجَمَلِ، وَالدَّمُ الْمُتَوَلِّدُ عَنْهُ مُعْتَدِلٌ.

لَحْمُ الْبَقَرِ: بَارِدٌ يَابِسٌ عَسِرُ الِانْهِضَامِ بَطِيءُ الِانْحِدَارِ، يُوَلِّدُ دَمًا سَوْدَاوِيًّا، لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِأَهْلِ الْكَدِّ وَالتَّعَبِ الشَّدِيدِ، وَيُورِثُ إِدْمَانُهُ الْأَمْرَاضَ السَّوْدَاوِيَّةَ كَالْبَهَقِ وَالْجَرَبِ وَالْقُوبَاءِ وَالْجُذَامِ، وَدَاءِ الْفِيلِ وَالسَّرَطَانِ، وَالْوَسْوَاسِ وَحُمَّى الرِّبْعِ، وَكَثِيرٍ مِنَ الْأَوْرَامِ، وَهَذَا لِمَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ، أَوْ لَمْ يَدْفَعْ ضَرَرَهُ بِالْفُلْفُلِ وَالثَّوْمِ وَالدَّارَصِينِيِّ، وَالزَّنْجَبِيلِ وَنَحْوِهِ، وَذَكَرُهُ أَقَلُّ بُرُودَةً، وَأُنْثَاهُ أَقَلُّ يُبْسًا. وَلَحْمُ الْعِجْلِ وَلَا سِيَّمَا السَّمِينُ مِنْ أَعْدَلِ الْأَغْذِيَةِ وَأَطْيَبِهَا وَأَلَذِّهَا وَأَحْمَدِهَا، وَهُوَ حَارٌّ رَطْبٌ، وَإِذَا انْهَضَمَ غَذَّى غِذَاءً قَوِيًّا.

[لَحْمُ الْفَرَسِ]

ِ: ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحِ " عَنْ أسماء رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ( «نَحَرْنَا فَرَسًا فَأَكَلْنَاهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ) .

وَثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ( «أَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>