للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ نَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ( «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ» ) وَإِنِّي أَشْرَبَهُ لِظَمَأِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وابن أبي الموالي ثِقَةٌ، فَالْحَدِيثُ إِذًا حَسَنٌ، وَقَدْ صَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ مَوْضُوعًا، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ فِيهِ مُجَازَفَةٌ.

وَقَدْ جَرَّبْتُ أَنَا وَغَيْرِي مِنَ الِاسْتِشْفَاءِ بِمَاءِ زَمْزَمَ أُمُورًا عَجِيبَةً، وَاسْتَشْفَيْتُ بِهِ مِنْ عِدَّةِ أَمْرَاضٍ، فَبَرَأْتُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَشَاهَدْتُ مَنْ يَتَغَذَّى بِهِ الْأَيَّامَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَرِيبًا مِنْ نِصْفِ الشَّهْرِ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَجِدُ جُوعًا، وَيَطُوفُ مَعَ النَّاسِ كَأَحَدِهِمْ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ رُبَّمَا بَقِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكَانَ لَهُ قُوَّةً يُجَامِعُ بِهَا أَهْلَهُ، وَيَصُومُ وَيَطُوفُ مِرَارًا.

[مَاءُ النِّيلِ]

ِ: أَحَدُ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ أَصْلُهُ مِنْ وَرَاءِ جِبَالِ الْقَمَرِ فِي أَقْصَى بِلَادِ الْحَبَشَةِ مِنْ أَمْطَارٍ تَجْتَمِعُ هُنَاكَ، وَسُيُولٍ يَمُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيَسُوقُهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ الَّتِي لَا نَبَاتَ لَهَا، فَيُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا، تَأْكُلُ مِنْهُ الْأَنْعَامُ وَالْأَنَامُ، وَلَمَّا كَانَتِ الْأَرْضُ الَّتِي يَسُوقُهُ إِلَيْهَا إِبْلِيزًا صُلْبَةً، إِنْ أُمْطِرَتْ مَطَرَ الْعَادَةِ، لَمْ تُرْوَ وَلَمْ تَتَهَيَّأْ لِلنَّبَاتِ وَإِنْ أُمْطِرَتْ فَوْقَ الْعَادَةِ ضَرَّتِ الْمَسَاكِنَ وَالسَّاكِنَ، وَعَطَّلَتِ الْمَعَايِشَ وَالْمَصَالِحَ، فَأَمْطَرَ الْبِلَادَ الْبَعِيدَةَ، ثُمَّ سَاقَ تِلْكَ الْأَمْطَارَ إِلَى هَذِهِ الْأَرْضِ فِي نَهْرٍ عَظِيمٍ، وَجَعَلَ سُبْحَانَهُ زِيَادَتَهُ فِي أَوْقَاتٍ مَعْلُومَةٍ عَلَى قَدْرِ رَيِّ الْبِلَادِ وَكِفَايَتِهَا، فَإِذَا أَرْوَى الْبِلَادَ وَعَمَّهَا، أَذِنَ سُبْحَانَهُ بِتَنَاقُصِهِ وَهُبُوطِهِ لِتَتِمَّ الْمَصْلَحَةُ بِالتَّمَكُّنِ مِنَ الزَّرْعِ وَاجْتَمَعَ فِي هَذَا الْمَاءِ الْأُمُورُ الْعَشْرَةُ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا، وَكَانَ مِنْ أَلْطَفِ الْمِيَاهِ وَأَخَفِّهَا وَأَعْذَبِهَا وَأَحْلَاهَا.

[مَاءُ الْبَحْرِ]

ِ: ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: ( «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» ) وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِلْحًا أُجَاجًا مُرًّا زُعَاقًا لِتَمَامِ مَصَالِحِ مَنْ هُوَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ، فَإِنَّهُ دَائِمٌ رَاكِدٌ كَثِيرُ الْحَيَوَانِ، وَهُوَ يَمُوتُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>