للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهِ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ مالك فِي غَيْرِ " الْمُوَطَّأِ ": لَمْ يَكُنِ الْيَهُودُ بِأَهْلِ ذِمَّةٍ. وَالَّذِي فِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ ": أَنَّهُمْ أَهْلُ ذِمَّةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا كَانَ بَعْدَ الْعَهْدِ الَّذِي وَقَعَ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَهُمْ، وَلَمْ يَكُونُوا إِذْ ذَاكَ حَرْبًا، كَيْفَ وَقَدْ تَحَاكَمُوا إِلَيْهِ، وَرَضُوا بِحُكْمِهِ؟ وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ: أَنَّهُمْ قَالُوا: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ فَإِنَّهُ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ، وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: أَنَّهُمْ دَعَوْهُ إِلَى بَيْتِ مِدْرَاسِهِمْ، فَأَتَاهُمْ وَحَكَمَ بَيْنَهُمْ، فَهُمْ كَانُوا أَهْلَ عَهْدٍ وَصُلْحٍ بِلَا شَكٍّ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: إِنَّمَا رَجَمَهُمَا بِحُكْمِ التَّوْرَاةِ. قَالُوا: وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَهَذَا مِمَّا لَا يُجْدِي عَلَيْهِمْ شَيْئًا الْبَتَّةَ، فَإِنَّهُ حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ الْمَحْضِ، فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ بِكُلِّ حَالٍ، فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: رَجَمَهُمَا سِيَاسَةً، وَهَذَا مِنْ أَقْبَحِ الْأَقْوَالِ، بَلْ رَجَمَهُمَا بِحُكْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا حُكْمَ سِوَاهُ.

وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْحُكُومَةُ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ إِذَا تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا لَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ إِلَّا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ.

وَتَضَمَّنَتْ قَبُولَ شَهَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ الزَّانِيَيْنِ لَمْ يُقِرَّا، وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِمَا الْمُسْلِمُونَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَحْضُرُوا زِنَاهُمَا، كَيْفَ وَفِي " السُّنَنِ " فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: «فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّهُودِ، فَجَاءُوا أَرْبَعَةً، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>