للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربيعة بن كعب الأسلمي وَقَدْ سَأَلَهُ مُرَافَقَتَهُ فِي الْجَنَّةِ: ( «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» ) .

وَأَوَّلُ سُورَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةُ (اقْرَأْ) عَلَى الْأَصَحِّ، وَخَتَمَهَا بِقَوْلِهِ: {وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩] [الْعَلَقِ: ١٩] .

وَبِأَنَّ السُّجُودَ لِلَّهِ يَقَعُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ كُلِّهَا عُلْوِيِّهَا وَسُفْلِيِّهَا، وَبِأَنَّ السَّاجِدَ أَذَلُّ مَا يَكُونُ لِرَبِّهِ وَأَخْضَعُ لَهُ، وَذَلِكَ أَشْرَفُ حَالَاتِ الْعَبْدِ، فَلِهَذَا كَانَ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ مِنْ رَبِّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَبِأَنَّ السُّجُودَ هُوَ سِرُّ الْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّ الْعُبُودِيَّةَ هِيَ الذُّلُّ وَالْخُضُوعُ، يُقَالُ: طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ، أَيْ ذَلَّلَتْهُ الْأَقْدَامُ وَوَطَّأَتْهُ، وَأَذَلُّ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ وَأَخْضَعُ إِذَا كَانَ سَاجِدًا.

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: طُولُ الْقِيَامِ بِاللَّيْلِ أَفْضَلُ، وَكَثْرَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِالنَّهَارِ أَفْضَلُ، وَاحْتَجَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ بِأَنَّ صَلَاةَ اللَّيْلِ قَدْ خُصَّتْ بِاسْمِ الْقِيَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُمِ اللَّيْلَ} [المزمل: ٢] [الْمُزَّمِّلِ: ١] ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا» ) ، وَلِهَذَا يُقَالُ: قِيَامُ اللَّيْلِ، وَلَا يُقَالُ: قِيَامُ النَّهَارِ، قَالُوا: وَهَذَا كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>